للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما تقدم فى القولين فى حكم المغمى عليه متعلق بمن يغمى عليه فى رمضان كله أو فى أيام منه أو فى يومين، وأما فى يوم واحد ففيه أقوال أحدها أنه يكون مفسدا للصوم مطلقا والثانى أنه غير مفسد مطلقا ان بيت النية من الليل والثالث أنه يفرق بين أن يغمى على شخص قبل الفجر أو بعده، واذا أغمى عليه بعد الفجر فأما أن يكون بعد مضى أكثر النهار أو أقله فعلى القول الأول يجب أن يقضى كل يوم وقع الاغماء فيه، وعلى القول الثانى لا يجب القضاء الا أن أفطر بأكل أو شرب أو جماع أو نحو ذلك وان لم يبيت النية من الليل، والمفسد له ان أغمى عليه قبل الفجر أوجب قضاء كل يوم طلع فجره على من لا يعقل صومه وهذا أحوط‍ لشروعه فيه مع الفجر بلا عقل ولا نية ولو نوى قبل ذلك لكنه عند الفجر لا نية له لزوال عقله ولا يصدق عليه أنه مستصحب لها ولا يصدق عليه أنه فاعل للصوم، ولا يرد على ذلك بأن الذهول لا يفسد الصوم اذا كانت النية من الليل، ولا بأن النوم لا يفسده لأن الذهول أمر كثير لا يطيق أحد عدمه ولأن النوم مباح جاز فعله عمدا وجعل الله لنا فيه راحة والفرق بين أكثر النهار وأقله أوجب الفساد بالأكثر لا بالأقل أو النصف، وحكم الأكثر عنده كالكل بخلاف الأقل والنصف. والمجنون كالمغمى عليه فى بعض ما ذكر وهو أنه ان طلع عليه الفجر وهو لا يعقل أبدل ما أصبح فيه مجنونا. والواضح أنه ان نوى الصوم ليلا وأغمى عليه بعد ذلك أو جن أو نام ولم يحدث ما يبطل الصوم صح صومه، واختار بعضهم أنه ان زال عقله سنة فلا بدل عليه واختار بعضهم فى النائم الى الغروب أن عليه القضاء والصحيح ان لا قضاء عليه ان كان نيته من الليل ولم يحدث مبطلا الا أن اتصل نومه يومين فانه يعيد الثانى عند من يشترط‍ التجديد للنية كل ليلة. وقال الشيخ يحيى رحمه الله تعالى: المغمى عليه يوما أو يومين أو أكثر يعيد الصوم وقيل الصلاة وقيل اياهما وقيل لا يعيد واحدا منهما، وقيل ان أغمى عليه فى أول النهار وصحا فى آخره أعاد اليوم ولا يعيد فى العكس وقيل اذا أغمى عليه فى وقت ما من النهار. أعاد (١) اليوم.

[أثر الاغماء فى الاعتكاف]

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع ان نفس الاغماء لا يفسد الاعتكاف بلا خلاف حتى لا ينقطع التتابع ولا يلزمه ان يستقبل الاعتكاف اذا أفاق وان أغمى عليه أياما فسد اعتكافه وعليه اذا برأ أن يستقبل لأنه لزمه متتابعا وقد فاتت صفة التتابع فيلزمه الاستقبال كما فى صوم كفارة الظهار (٢).

[مذهب المالكية]

جاء فى الشرح الكبير وحاشية الدسقوقى عليه أن الاغماء اذا طرا على الاعتكاف فان كان الاعتكاف نذرا معينا من رمضان أو نذرا غير معين بطل اعتكافه فاذا أفاق أتى ببدل ما حصل فيه الاغماء وكمل نذره سواء طرأ الاغماء قبل الشروع فى الاعتكاف أو بعده أو مقارنا له. وان كان الاعتكاف نذرا معينا بغير رمضان فان طرأ الاغماء قبل الشروع فى الاعتكاف أو مقارنا له فلا يجب القضاء، وان طرأ بعد الشروع وجب القضاء متصلا، اما ان كان الاعتكاف تطوعا معينا بالملاحظة أو غير معين فلا قضاء عليه سواء طرأ الاغماء قبل الشروع فيه أو بعده أو مقارنا له (٣).

[مذهب الشافعية]

جاء فى مغنى المحتاج أنه لا يصح اعتكاف المغمى عليه لعدم صحة نيته، ومحل ذلك اذا


(١) شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد بن يوسف أطفيش ج‍ ٢ ص ٢٢٦، ص ٢٢٧ طبع محمد يوسف البارونى.
(٢) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى أبى بكر ابن مسعود الكاسانى ج‍ ٢ ص ١١٦ الطبعة الأولى طبع شركة المطبوعات العلمية بمصر سنة ١٣٢٧ هـ‍.
(٣) الشرح الكبير لأبى البركات سيدى أحمد الدردير وحاشية الدسوقى عليه للشيخ محمد عرفة الدسوقى ج‍ ١ ص ٥٥١ فى كتاب على هامشه الشرح الكبير طبع دار احياء الكتب العربية مطبعة عيسى البابى الحلبى بمصر.