سواء حبست أم لم تحبس فمهما بقى أثر النجاسة لم يحل أكلها ولو غسلت ما دام الأثر لأنها تستخبث وذلك يكون ان لم يستحل فيه ما حلت استحالة تامة كبيضة الميتة بناء على أنها تؤكل بقشرتها أو خشى التنجيس.
وقيل: لا فرق لانه لا يمكن خروجها من قشرتها الا بانفصالها من القشر وكذا بيض البط والدجاج وان كان حيا على قول من حكم بنجاسة زبلهما (١).
[مذهب الإمامية]
جاء فى الروضة البهية أن الحيوان الجلال - وهو الذى يتغذى عذرة الانسان محضا لا يخلط غيرها الى أن ينبت عليها لحمه ويشتد عظمه عرفا - حرام حتى يستبرأ على الأقوى لما روى عن أبى عبد الله قال: لا تأكلوا لحوم الجلالة - وهى التى تأكل العذرة - فان أصابك من عرقها فاغسله.
وقال ابن الجنيد: يكره لحمها وألبانها خاصة استضعافا للمستند أو حملا لها على الكراهة جمعا بينها وبين ما ظاهره الحل وعلى القولين فتستبرأ الناقة بأربعين يوما والبقرة بعشرين وقيل البقرة كالناقة، وتستبرأ الشاة بعشرة أيام وقيل بسبعة ومستند هذه التقديرات كلها ضعيف، والمشهور منها ما ذكره المصنف، وينبغى القول بوجوب الأكثر للاجماع على عدم اعتبار أزيد منه، فلا تجب الزيادة والشك فيما دونه فلا يتيقن زوال التحريم مع أصالة بقائه حيث ضعف المستند فيكون ما ذكرناه طريقا للحكم وكيفية الاستبراء أن يربط الحيوان أو أن يضبط على وجه يؤمن معه أن يأكل النجس ويطعم علفا طاهرا من النجاسة الأصلية والعرضية طول المدة.
وتستبرأ البطة ونحوها من طيور الماء بخمسة أيام وتستبرأ الدجاجة وشبهها مما فى حجمها بثلاثة أيام والمستند ضعيف كما تقدم ومع ذلك هو خال عن ذكر الشبيه لهما، وما عدا ذلك من الحيوان الجلال يستبرأ بما يغلب على الظن زوال الجلل به عرفا لعدم ورود مقدر له شرعا، ولو طرحنا تلك التقديرات لضعف مستندها كان حكم الجميع كذلك، ولو شرب الحيوان المحلل لبن خنزيرة واشتد بأن زادت قوته وقوى عظمه ونبت لحمه بسببه حرم لحمه ولحم نسله سواء كان ذكرا أو انثى، أما اذا لم يشتد فانه يكره. هذا هو المشهور ولا نعلم فيه مخالفا والمستند أخبار كثيرة لا تخلو من ضعف ولا يتعدى الحكم الى غير الخنزير عملا بالأصل وان ساواه فى الحكم كالكلب مع احتماله.
(١) شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح ج ٤ ص ٩٧ نفس الطبعة المتقدمة.