لا يلزم الانسان أن يقبل ما يسهل له اذا سمح له فيه خصمه. هذا اذا لم يبين من يدعى أن الأجل حل بشهادة مجزئة.
وان أراد المدعى أن يحلف ووافقه المنكر ففى ذلك قولان، أما اذا كان الاختلاف بينهما يدور حول زيادة الأجل أو عدم زيادته فعلى من يدعى الزيادة فيه أن يقدم البينة على أنه بالزيادة كما ادعى فان جاء بالبينة حكم له بها، وان لم يجئ بها قبل قول من يقول بالأقل - ولو كان هو المسلف - مع يمينه على أن الأجل هو كذا وكذا مما هو أقل مما يقول به خصمه مثل أن يقول أحدهما: الأجل المحدد شهر واحد، ويقول الآخر: هو شهران.
فالقول لمن قال أنه شهر ولو كان هو المتسلف (١).
[كيفية استيفاء المسلم فيه وقضاؤه]
[مذهب الحنفية]
لما كان المسلم فيه مستقرا فى ذمة المسلم اليه أصبح استيفاء رب السلم اياه ذا صور متعددة منها ما يجرى وفق قواعد المذهب ومقرراته، ومنها ما يخرج عن الأصول المرعية فى باب السلم فلا يصح أن يكون واحدا من طرق استيفاء هذا الدين. فلو أن المسلم اليه اشترى كرا وأمر رب السلم بأن يقبضه على سبيل استيفائه حقه لم يصح ذلك طريقا لتوفيته حقه. أما اذا أمره المسلم اليه - فى نفس هذه الصورة - بأن يقبض الكر نيابة عنه ثم يعود فيقبضه لنفسه ففعل ذلك صح هذا الاستيفاء، لأنه قد اجتمع فى هذه الحالة صفقتان. الأولى صفقة بين المسلم اليه وبين المشترى منه والثانية صفقة بين المسلم اليه وبين رب السلم. وكلا الصفقتين يشترط فيه الكيل، وعليه فلا بد من الكيل مرتين قضاء للصفقتين. ولذلك لم يصح الطريق الأول فى استيفاء المسلم فيه لأنه لم يشتمل على الكيل مرتين، وصح فى الحالة الثانية حيث قبضه للمسلم اليه بالكيل أولا، ثم قبضه لنفسه بالكيل ثانيا.
والأصل فى ذلك ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجرى فيه صاعان، صاع البائع وصاع المشترى.
وقال الزيلعى: ومحمله - يعنى الحديث على ما اذا اجتمعت الصفقتان فيه، وأما فى صفقة واحدة فيكتفى بالكيل فيه مرة واحدة فى الصحيح، وذلك لأن ما يقبضه رب السلم هو فى الحقيقة بدل عن المسلم فيه وان كان هو عينه حكما وليس استبدالا فكان بيعا حقيقة ولما كان استيفاء المسلم فيه هنا متأخرا عن شراء المسلم اليه ما اشتراه ثبت أنه صار بيعا جديدا بعد الشراء،