وهناك خلاف شديد على الإِمامة بين أصحاب عبد الله بن معاوية هذا وبين محمد بن على بن عبد الله بن عباس الذي قالت الطائفة الأولى من الهاشمية: أوصى إليه بالإمامة - كل منهما يدعى أن أبا هاشم أوصى إليه بالإمامة، وليس هنا له ما يثبت هذا أو ذاك، ولا ما يعتمد عليه في الأمر ..
وهناك طائفة من الهاشمية تسمى البنانية أتباع بنان بن سمعان النهدى قالوا بانتقال الإمامة من أبى هاشم إليه وهو من غلاة الشيعة القائلين بإلهية أمير المؤمنين على عليه السلام. قال: حل جزء إلهى في على دائمة بجسده. فبه كان يعلم الغيب إذا أخبر عن الملاحم وصح الخبر ..
وبه كان يحارب الكفار وتتم له النصرة والظفر، وبه قلع باب خيبر .. وعن هذا روى عنه قوله: والله ما قلعت باب خيبر بقوة حسدانية ولا بحركة غذائية ولكن قلعته بقوة ملكوتية بنور ربها مضيئة فالقوة الملكوتية كالمصباح في المشكاة والنور الإلهى كالنور في المصباح .. وربما يظهر على في بعض الأزمان ويأتى في ظلل من الغمام كما تشير الآية "وهل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام" حيث أراد به عليا .. والرعد صوته والغمام تبسمه .. وادعى بنان هذا أنه قد انتقل إليه الجزء الإلهى بنوع من التناسخ فاستحق أن يكون إماما وخليفة ..
وهناك فرقة من الهاشمية تسمى الرزنية اتباع رزام ساقوا الإِمامة من على أمير المؤمنين إلى ابنه محمد بن الحنفية ثم منه إلى ابنه أبى هاشم ثم منه إلى على بن عبد الله بن عباس بالوصية ثم إلى محمد بن على وأوصى محمد إلى ابنه إبراهيم الإمام صاحب أبى مسلم الخراسانى الذي قيل أنه كان من الكيسانية وعرض خدماته على جعفر الصادق فلم يقبل منه، وكان من أكبر الدعاة ضد بنى أمية ولصالح العباسيين ..
[الزيدية]
فهم أتباع زيد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب أمير المؤمنين - ساقوا الإمامة بعد على بن أبى طالب في أولاده من السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يجوزوا ثبوت الإمامة في غيرهم. إلا أنهم جوزوا أن يكون كل فاطمى عالم زاهد شجاع سخى خرج ينادى بالإِمامة ويسعى لها يكون إماما واجب الطاعة سواء كان من أولاد الحسن أو من أولاد الحسين ..
وجوزوا خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال، ويكون كل واحد مبهما إماما واجب الطاعة .. وعن هذا قالت طائفة منهم بإمامة محمد وإبراهيم الإمامين ابنى عبد الله بن الحسن بن الحسين الذي خرجا في أيام المنصور العباسى يدعوان للإمامة وقتلا على ذلك وكان الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر قد أخبرهما بما جرى عليهما قبل أن يجرى أخذًا عن أبائه.
وزيد بن على بن الحسين إمام الزيدية والمنسوبون إليه مذهبه هذا المذهب. ولما أراد أن يحصل العلم في الأصول والفروع حتى يتحلى بالعلم - تتلمذ في الأصول على واصل بن عطاء رأس المعتزلة مع اعتقاد واصل بأن جده على بن أبى طالب في حروبه التي جرت بينه وبين أصحاب الجمل وأصحاب الشام ما كان على يقين من الصواب فيها وأن أحد الفريقين منهما كان على الخطأ لا بعينه ..