للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد ذلك فلا يتناوله العفو لانه اسقاط‍ لما لم يجب بعد واسقاط‍ الشئ قبل وجوبه غير صحيح اتفاقا وفى ذلك اختلاف المذاهب يرجع فى مصطلح عفو فى موضوع الجناية لها (١).

٣ - حصول البرء من الجناية وأثرها بعد وقوعها وللمذاهب فى ذلك التفصيل والبيان الآتى.

[مذهب الحنفية]

يرى الحنفية ان الجراحات اذا برئت عن غير أثر لا شئ فيها فى قول أبى حنيفة وقال أبو يوسف فيها حكومة الألم وقال محمد على الجانى أجر الطبيب (٢) وكذلك الحكم فى الشجاج وسواء فى ذلك ما للشارع فيه تقدير محدد وما ليس له فيه تقدير.

[مذهب المالكية]

يرون أن ما لا تقدير فيه من الجراح اذا برئ على شين وجب فيه حكومة عدل اما اذا برئ دون أن يترك أثرا فلا شئ فيه على الجانى - وأما ما كان فيه عقل مقدر من الشارع ففيه ما قدره الشارع مطلقا دون زيادة الا فى الموضحة اذا كانت فى الوجه أو الرأس اذا برئت على شين ففيها الدية مع حكومة عدل فى الشين على المشهور (٣). ويرد الارش للجانى اذا أخذه المجنى عليه عند عود البصر بعد ذهابه بالجناية وفى عود السمع والكلام والعقل والذوق والشم واللمس بعد الجناية عليها تأويلان عندهم.

[مذهب الشافعية]

جاء فى نهاية المحتاج (٤): اذا أخذت دية العقل وغيره من بقية المعانى كالسمع والبصر ثم عاد بعد زواله استردت من المجنى عليه وذلك فيما للشرع تقدير فيه اما ما ليس للشارع فيه تقدير من الجروح فقد جاء فى النهاية أن لا تقويم فيه الا بعد اندماله فاذا اندمل عن أثر كان فيه حكومة عدل وان اندمل عن غير أثر أعتبر فى حكومة العدل أقرب نقص لحق المجنى عليه الى وقت اندماله حتى لا تحبط‍ الجناية وقيل يقدر القاضى باجتهاده ويوجب شيئا حذرا من اهدار الجناية وقيل لا غرم كما لو تألم بضربة ثم زال الألم.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع (٥). اذا عاد البصر وكذلك ما فى معناه من السمع والكلام والذوق والمشى والنكاح بعد ذهابه بالجناية اذا عاد لم تجب الدية لعود ما ذهب من المنافع فاذا كان المجنى عليه قد أخذها ردها لتبين أنه قد أخذها بغير حق وينتظر فى أداء الدية اذا قرر عدلان من أهل الخبرة رجاء عودة الى مدة عيناها فان مضت المدة ولم يعد أو مات المجنى عليه قبل مضيها وجبت الدية.

وان قال أهل الخبرة يرجى عوده ولكن لا نعرف لذلك مدة وجبت الدية لئلا يلزم تأخير حق المجنى عليه لا الى أمد.


(١) راجع الزيلعى ح‍ ٦ ص ١٧١.
(٢) البدائع ح‍ ٧ ص ٣١٦، ٣٢٠.
(٣) الشرح الكبير والدسوقى عليه ح‍ ٤ ص ٢٧٠، ص ٢٧١، ٢٧٩.
(٤) ح‍ ٧ ص ٣١٦، ٣٢٧.
(٥) ح‍ ٤ ص ٢٠، ٢٥، ٢٩.