للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لانكاره على الحلف. ومن بين فى المسألتين بعد انكاره وموت صاحبه ورث بلا اشكال.

وان اختصم رجلان أو اكثر فى أمرأة فادعى كل منهما انها زوجته كلفا بيانا أى الأتيان بالبينة على ما يدعيه فمن أتى ببينة تشهد له فهى له وان أتى كل منهما ببينة على ما يدعى كلفا ببيان التاريخ أى كلف كل منهما أن يبين تاريخ عقده فمن سبق تاريخه فهى له. وان لم يكن تاريخ لأحدهما أصلا أو أتحد التاريخ فيهما أجبرا على تطليقها بائنا أو ثلاثا. وحلفت لهما أن لم يبينا. وقيل لا تحلف. وان بين أحدهما لم تحلف للآخر. فان صح البيان لأحدهما فهى زوجته. وقعد فيها أى كان فيها أصلا من أقرت به منهما ويدخل عليها الا أن يقول الآخر: لى بيان فانه يؤجل له ولا يدخل بها من أقرت به وان بينا ولا تاريخ لهما أو كان لهما تاريخ متحد فأقرت لاحدهما فالذى عندى انه لا يكون الذى أقرت له عاقدا فيها أى لا يكون أصلا فيها لأنه يلزم كلا منهما أن يطلقها بائنا. وقيل لا يقعد بأقرارها فيها وهو الصحيح عندى - وكذا يثبت لمن أقر له فيقول الحاكم قعد فيه فلان ولا يحكم جزما بأنه له ان ادعيا رقيقا فأقر باحدهما على الحلف. وكذا فى مسألة الزوجة. وقيل هو لمن بيده ان كان بيد أحدهما. وقيل نصفان.

وأما السلعة فهى لمن بيده ان لم يبينا وان بين من ليست بيده فهى له. وان بينا وهى فى يد أحدهما فهى له لرجحانه باليد. وقيل للآخر لأن كونها بيده مانع لبيانه مثبت لعقوده فيها. والبيان مقدم على القعود فكانت للآخر المبين وقيل نصفان (١).

[مذهب الحنفية]

اقرار المحجور عليه:

يشترط‍ لصحة الاقرار أن يكون المقر غير محجور عليه بما يمنع من نفاذ التصرفات التى أقر بها فان أقر السفيه أو المدين المحجور عليهما بمال فان الاقرار يتوقف فى آثاره وما يترتب عليه من أحكام الى ما بعد الحجر وزواله. وذلك لقيام أهلية المقر المصححة لعبارته وقت الاقرار غير أنه وجد ما يمنع من ترتيب أثر الاقرار عليه وهو الحجر. فاذا زال المانع ظهر أثر الاقرار.

والحجر معناه شرعا: منع التصرف القولى .. أى أن العقود لا تنشأ نافذة تترتب عليها أحكامها التى رتبها الشارع عليها - وكذلك سائر التصرفات. فلا يمضى الشارع تصرفا للمحجور عليه مادام ذلك التصرف داخلا فى نطاق الحجر .. وسبب الحجر ضعف فى تقدير المحجور عليه اما لسفه أو صبا أو عته.

وأما لحق غيره بسبب استغراق الديون لامواله وقد ذكر الزيلعى الحنفى فى كتابه تبيين الحقائق - أن أساس الحجر هو ضعف العقل فقال:

أن الله سبحانه وتعالى خلق البشر أشرف خلق وجعلهم بكمال حكمته متعاونين فيما يمتازون به عن الأنعام وهو العقل وبه يسعد من سعد.

وذلك أن الله تبارك وتعالى ركب فى البشر العقل والهوى. ركب فى الملائكة العقل دون الهوى. وركب فى البهائم الهوى دون العقل .. فمن غلب من البشر عقله على هواه كان أفضل من الملك لما يقاسى من مخالفة الهوى ومكابدة النفس. ومن غلب هواه على عقله كان أردأ من البهائم. قال تبارك وتعالى «ان هم الا كالأنعام بل هم أضل سبيلا»


(١) شرح النيل ج‍ ٦ وما بعدها.