للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما دام حق العبد متعلقا به لم يتحرر لله وأما الصلاة فيه فلانه يشترط‍ التسليم عند أبى حنيفة ومحمد ولو سلم المسجد الى متول نصبه ليقوم بمصالحه فالاصح أنه يجوز، وقال أبو يوسف يزول ملكه بقوله جعلته مسجدا لان التسليم عنده ليس بشرط‍ لانه اسقاط‍ لملك العبد.

فيصير خالصا لله بسقوط‍ حق العبد وعلى اختلافهم اذا صار مسجدا زال ملكه عنه وحرم بيعه فلا يورث وليس له الرجوع فيه لانه صار لله بقوله تعالى:

«وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً ١» ولا رجوع فيما صار لله تعالى كالصدقة أما من جعل مسجدا تحته سرداب أو فوقه بيت (٢) وجعل بابه الى الطريق وعزله أو اتخذ وسط‍ داره مسجدا واذن للناس بالدخول فله بيعه ويورث عنه لانه لم يخلص لله لبقاء حق العبد فيه ولو اتخذ أرضه مسجدا فليس له الرجوع فيه ولا بيعه وكذا لا يورث عنه لتحرره لله تعالى بخلاف الوقف عند أبى حنيفة حيث يرجع فيه ما لم يحكم به الحاكم ومن بنى سقاية أو خانا أو رباطا أو مقبره لم يزل ملكه عنه حتى يحكم به حاكم عند أبى حنيفة وعند أبى يوسف يزول ملكه بالقول وعند محمد اذا استقى الناس من السقاية وسكنوا الخان والرباط‍ زال الملك ولو جعل أرضه طريقا فهو على هذا الخلاف (٣).

[مذهب المالكية]

جاء فى حاشية الدسوقى اذا شرط‍ الواقف فى وقفه أنه اذا تسور عليه قاض - أى تسلط‍ عليه بما لا يحل شرعا - أو غيره من الظلمة رجع له ملكا أى استرجعه ان كان حيا أو لوارثه يوم التسور ملكا عمل بشرطه كعلى ولدى ولا ولد له حين التحبيس فيرجع له أو لوارثه ملكا له بيعه وان لم يحصل له يأس من الولد عند مالك وعليه فان غفل عنه حتى حصل له ولد تم الوقف ومثله على ولد فلان ولا ولد له ثم قال ويصلح من غلته فان أصلح من شرط‍ عليه الاصلاح رجع بما انفق (٤) لا بقيمته منقوضا وفى المدونة قال ابن القاسم قال رجال من أهل العلم منهم ربيعة اذا تصدق الرجل على جماعة من الناس لا يدرى كم عدتهم ولم يسمهم بأسمائهم فهى بمنزلة الحبس وقال ربيعه والصدقة الموقوفة التى تباع اذا شاء صاحبها اذا تصدق بها الرجل على الرجل أو الثلاثة أو أكثر من ذلك اذا سماهم بأعيانهم ومعناه


(١) الآية رقم ١٨ من سورة الجن.
(٢) تبيين الحقائق للزيلعى ج ٣ ص ٣٢٩، ص ٣٣٠ الطبعة السابقة.
(٣) الزيلعى مع حاشية الشلبى فى كتاب ج ٣ ص ٣٣١ الطبعة السابقة.
(٤) الدسوقى على الشرح الكبير ج ٤ ص ٨٩ الطبعة السابقة.