للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونقل ابن عابدين (١) عن الفتح أنه لو أخذ اللصوص متاع قوم فاستغاثوا بقوم فخرجوا فى طلبهم فان كان أرباب المتاع معهم أو غابوا لكن يعرفون مكانهم ويقدرون على رد المتاع عليهم حل لهم قتال اللصوص وان كانوا لا يعرفون مكانهم ولا يقدرون على الرد لا يحل.

[ثامنا: حكم الاغاثة فى حال البغى]

جاء فى البحر الرائق أن البغاة ان (٢) أظهروا ما يبيح لهم القتال كأن ظلمهم الامام أو ظلم غيرهم ظلما لا شبهة فيه لا يكونون بغاة.

ولا يجوز معاونة الامام عليهم حتى يجب على المسلمين أن يعينوهم حتى ينصفهم الامام ويرجع عن جورهم بخلاف ما اذا كان الحال مشتبها أنه ظلم مثل تحميل بعض الجبايات التى للامام أخذها والحاق الضرر بهذه الجماعة لدفع ضرر أعم منه.

ونقل صاحب البحر الرائق عن البدائع أنه يجب على كل من دعاهم الامام الى قتالهم أن يجيب ولا يسعهم التخلف اذا كان له غنى وقدرة لأن طاعة الامام فيما ليس بمعصية فرض فكيف فيما هو طاعة.

وما روى عن أبى حنيفة من الاعتزال فى الفتنة ولزوم البيت فمحمول على ما اذا لم يدعه الامام أما اذا دعاه الامام فالاجابة فرض.

وأما تخلف بعض الصحابة رضى الله تعالى عنهم عنها فمحمول على أنه لم يكن لهم قدرة وربما كان بعضهم فى تردد من حل القتال.

[تاسعا - حكم اغاثة المحتاج]

جاء فى الفتاوى الهندية: قال محمد رحمه (٣) الله تعالى فى كتاب الكسب: يفترض على الناس اطعام المحتاج فى الوقت الذى يعجز عن الخروج والطلب وهذه المسألة تشتمل على ثلاثة فصول:

أحدها أن المحتاج اذا عجز عن الخروج يفترض على كل من يعلم حاله أن يطعمه مقدار ما يتقوى به على الخروج وأداء العبادات اذا كان قادرا على ذلك حتى اذا مات ولم يطعمه أحد ممن يعلم حاله اشتركوا جميعا فى المأثم.

وكذلك اذا لم يكن عند من يعلم بحاله ما يطعمه ولكنه قادر على أن يخرج الى الناس ليخبر بحاله فيواسوه فيفرض عليه ذلك فاذا امتنعوا من ذلك حتى مات اشتركوا فى المأثم ولكن اذا قام به البعض سقط‍ عن الباقين.

الفصل الثانى:

اذا كان المحتاج قادرا على الخروج ولكن لا يقدر على الكسب فعليه أن يخرج ومن يعلم بحاله ان كان عليه شئ من الواجبات فليؤده اليه حتما.

وان كان المحتاج يقدر على الكسب فعليه أن يكتسب ولا يحل له أن يسأل.

وفى الاختيار لتعليل المختار بعد أن ذكر مثل ما جاء فى الفتاوى استدل بقول الرسول صلى الله عليه وسلم ما آمن بالله من بات شبعان وجاره الى جنبه طاو.


(١) حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج‍ ٣ ص ٢٩٧ وما بعدها الطبعة السابعة.
(٢) البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج‍ ٥ ص ١٥١ وص ١٥٢ طبع المطبعة العلمية بمصر الطبعة الأولى.
(٣) الفتاوى العالمكرية المعروفة بالفتاوى الهندية فى مذهب الامام أبى حنيفة النعمان وبهامشه الفتاوى البخارية وهى المسماه بالجامع الوجيز للشيخ الامام حافظ‍ الدين محمد بن محمد بن شهاب المعروف بابن البزار الكردى الحنفى ج‍ ٥ ص ٣٣٨ وما بعدها طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر سنة ٣١٠ هـ‍ الطبعة الثانية.