للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واختلف فى عدد الأيمان فى الأطراف، فقيل خمسون يمينا إن كانت الجناية فى الطرف تبلغ دية النفس كالأنف واللسان، وإلا فبنسبتها من الخمسين.

وقيل: ست أيمان فيما فيه دية النفس، وبحسابه من الست فيما دون ذلك (١).

[مذهب الإباضية]

وتثبت القسامة عند الإباضية إذا وجد قتيل حر به علامة قتل فى بلدة أو محلة أو فى مكان قريب منها ولم يدع على معين ولم يوجد فى مسجد ولا فى زحام ولا عداوة بينه وبين قوم من أهل البلد، لزمت القسامة أهل البلد أو المحلة بأن يحلف منهم خمسون رجلا بالله ما قتلناه ولا علمنا قاتله وإن نقصوا عن الخمسين كررت اليمين على من يوجد منهم ولو واحدا حتى تكمل الأيمان خمسين، فإن حلفوا وجبت الدية على الحالفين ومن أبى الحلف حبس حتى يحلف أو يقر ولا قسامة عندهم على أعمى وصبى ومجنون وامرأة إلا إذا لم يوجد غيرها فتحلف وتجب على عاقلتها (٢).

[القافة]

القافة: جمع قائف، وهو الذى يعرف الآثار.

والخلاف بين الفقهاء فى اعتبار القافة دليلا يعتمد عليه فى الحكم، يكاد ينحصر فى إثبات النسب بها.

والأصل فى هذا الباب ما ورد فى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دخل على مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال:

«ألم ترى أن مجززا نظر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد، فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض» رواه الجماعة.

وفى لفظ‍ أبى داود وابن ماجة ورواية لمسلم والنسائى والترمذى: «ألم ترى أن مجززا المدلجى رأى زيدا وأسامة قد غطيا رءوسهما بقطيفة وبدت أقدامهما، فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض». قال أبو داود: كان أسامة أسود وكان زيد أبيض.

ذكر الشوكانى هذا الحديث فى نيل الأوطار، وقال وقد أثبت الحكم بالقافة عمر بن الخطاب وابن عباس وعطاء والأوزاعى ومالك والشافعى وأحمد.

وذهبت العترة والحنفية إلى أنه لا يعمل بقول القائف فى إلحاق الولد، بل يحكم بالولد الذى ادعاه اثنان لهما، واحتج لهم صاحب البحر بحديث: الولد للفراش.

وروى عن الإمام يحيى أن حديث القافة منسوخ (٣).

وإليكم بيان المذاهب فى ذلك:

[مذهب الحنفية]

يرى الحنفية أنه لا يجوز العمل بقول القافة ولا الاعتماد على رأيهم فى الحاق الولد وإثبات نسبه ممن يشبهه للحديث


(١) شرائع الإسلام ص ٢٧٣ وما بعدها من باب القصاص، والمختصر النافع ص ٣١٢ وما بعدها.
(٢) شرح النيل ج‍ ٨ ص ١٢٦ وما بعدها.
(٣) نيل الأوطار ج‍ ٦ ص ٢٨٢ وما بعدها.