للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدخل فى مضمون الحديث فوجب فيه الكيل ثانيا (١).

وكذلك لا يتم استيفاء المسلم فيه اذا دفع رب السلم الى المسلم اليه ظرفا مثل الغرائر وأمر المسلم اليه أن يكيل الطعام المسلم فيه ويجعله فى هذا الظرف ففعل المسلم اليه ورب السلم غائب.

وانما لا يكون مثل ذلك استيفاء للمسلم فيه، لأن حق رب السلم مستقر فى الذمة فلا يمكن أن يملكه الا اذا قبضه، وهو هنا لما أمر المسلم اليه بأن يكيل الطعام لم يكن قد وقع ملكه بالفعل فلم يصادف أمره ملكه فلم يصح أمره، وكل ما هنالك أن المسلم اليه أصبح مستعيرا للظرف حيث جعل فيه ملك نفسه كالدائن اذا دفع كيسا الى المدين وأمره أن يزن دينه ويجعله فيه فانه لا يصح.

وبناء على ما ذكر فلو أن رب السلم أمر المسلم اليه بأن يطحن هذا الطعام أو يلقيه فى البحر ففعل لم يلتزم رب السلم بشئ ويظل حقه متعلقا بذمة المسلم اليه هذا كله اذا كان رب السلم غائبا، فان كان حاضرا وكاله المسلم اليه بحضرته وخلى بينه وبين الطعام الذى كاله بطلبه فانه يصير قابضا له لأن التخلية تسليم (٢).

[مذهب المالكية]

ذكر الخرشى أنه يجوز للمسلم أن يقبل الشئ الموصوف الذى يشتمل على صفة المسلم فيه سواء كان طعاما أو غير طعام - قبل أن يحل أجله بشرط‍ أن يكون ذلك فى محله وأن لا يكون أجود منه ولا أردأ ولا أكثر ولا أقل لما فيه من حط‍ الضمان وأزيدك، أوضع وتعجل وكلاهما ممنوع فى السلم.

ويصح لرب السلم أن يمتنع من قبول الصفة قبل أن يحل الأجل، لأن الأجل فى السلم حق لكل ما لم يكن المسلم فيه من النقد والا جبر على قبوله قبل الأجل.

أما بالنسبة لقبوله قبل محله فالحكم يختلف تبعا لاختلاف المسلم فيه.

فان كان المسلم فيه عرضا جاز لرب السلم أن يقبله قبل المحل المشترط‍ فيه القبض سواء حل الأجل أو لم يحل، ولا فرق فى العرض بين الثياب والجواهر واللآلئ على المشهور، وسواء كان للعرض كلفة أم لا.

وان كان المسلم فيه طعاما جاز لرب السلم أن يقبله قبل محله الذى اشترط‍ عليه أن يوفيه فيه على شريطة


(١) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعى ج ٤ ص ١١٩ وما بعدها.
(٢) المصدر السابق ج ٤ ص ١٢٠ وما بعدها.