للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مصطلح انقطاع]

التعريف اللغوى: انقطاع مصدر للفعل انقطع؛ وهو من أفعال المطاوعة، يقال: قطعته فانقطع، وهو فعل خماسى مزيد بالألف والنون، ومادته (قطع)، والقطع إبانة بعض أجزاء الجرم من بعض فصلًا: ويقال: قطعه يقطعه قطعًا وقطيعة وقطوعًا، وقطعه واقتطعه فانقطع وتقطَّع. شُدِّد للكثرة، ومقطع كل شئ ومنقطعه آخره حيث ينقطع كمقاطع الرمال والأودية. وقطع الماء قطعًا، شقه وجازه، وانقطع الشئ: ذهب وقته، ومنه قولهم: انقطع البرد والحر، وانقطع الكلام، أي وقف فلم يمض (١).

التعريف الشرعى: لم يخرج الفقهاء في استعمالهم لمادة (انقطع، وقطع) عن المعنى اللغوى لها فقد وردت بمعنى انتهاء الشئ، ومن ذلك قولهم: من أحكام الحيض أن المرأة يلزمها الاغتسال إذا انقطع عنها الدم (٢). وكذلك قولهم: إذا انقطعت الجهة الموقوف عليها في حياة الواقف، بأن وقف على أولاده، أو أولاد زيد فقط، فانقرضوا في حياته رجع الوقف إلى الواقف وقفًا عليه (٣).

[انقطاع دم الحيض والنفاس وما يترتب عليه]

[مذهب الحنفية]

اختلف الحنفية في وجوب الغسل بالنسبة لدم الحيض والنفاس، هل الموجب للغسل هو خروج الدم أو انقطاعه؟ فجاء في (متن الكنز وشرحه (٤): يجب الغسل عند خروج دم حيض ونفاس، وخروجه بوصوله إلى فرجها الخارج، وإلا فليس بخارج فلا يكون حيضًا، أما الحيض فلقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} (٥) بتشديد الطاء والهاء أي يغتسلن فلولا أن الغُسل واجب لما منع من حقه الواجب؛ وهو القربان، وقال في (الحواشى): والأصح أن الخروج من الحيض هو الموجب؛ لأن انقطاع الدم شرط لوجوب الاغتسال، واستحال أن يكون انقطاع السبب شرطًا لوجوب المسَّبب. وَعَلَّقَ الزيلعى على ذلك بقوله: وهذا فيه نظر؛ لأن الخروج عن الحيض ليس فيه إلا الطهارة، ومن المحال أن الطهارة توجب الطهارة، وإنما توجبها النجاسة، وهذا لأن الحيض منجس كسائر الأحداث … فوجب تطهيره منه؛ وإنما لم تغتسل قبل الانقطاع لعدم الفائدة؛ إذ الدم مستمره لا لأن الاغتسال لا يرفع الحدث المتقدم.

وإذا طهرت المرأة من الحيض وعليها من الوقت مقدار ما تغتسل فيه فعليها قضاء تلك الصلاة. وإن كان عليها من الوقت مقدار ما لا تستطيع أن تغتسل فيه فليس عليها قضاء تلك الصلاة. وهذا إذا كانت أيامها دون العشرة، فأما إذا كانت أيامها عشرة فانقطع الدم وقد مر عليها من الوقت شئ قليل أو كثير فعليها قضاء تلك الصلاة، هكذا فسره في نوادر أبى سليمان رحمه الله تعالى؛ لأنه إذا كانت أيامها عشرة فبمجرد انقطاع الدم تيقنا خروجها من الحيض؛


(١) لسان العرب لابن منظور: ٢٤/ ٢٧٦، ٢٧٨، ٢٧٩، مادة (قطع).
(٢) المبسوط: ٣/ ١٥٣.
(٣) كشاف القناع: ٢/ ٤٤٧، ٤٤٨.
(٤) تبين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعى: ١/ ١٧.
(٥) سورة البقرة: الآية: ٢٢٢.