للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ» قيل أى لا تعقدوا عقد النكاح حتى ينقضى ما كتب الله عليها من العدة، ولأن النكاح بعد الطلاق الرجعى وبعد الثلاث قائم حال قيام العدة لقيام بعض الآثار.

أما صاحب العدة فانه يجوز له أن يتزوجها لأن النهى عن التزوج انما هو للأجانب لا للأزواج لأن عدة الطلاق انما لزمتها حقا للزوج لكونها باقية على حكم نكاحه وانما يظهر حق التحريم على الأجنبى لا على الزوج.

ولا يجوز للأجنبى أيضا خطبة المعتدة بكلام صريح سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها، لأن النكاح حال قيام العدة قائم لقيام بعض آثاره.

ولا يجوز التصريح من الأجنبى بالخطبة فى العدة أصلا. أما التعريض فلا يجوز فى عدة الطلاق ولا بأس به فى عدة الوفاة، لقول الله عز وجل: «وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ» (١).

وللمذاهب فى ذلك تفصيل ينظر فى مصطلحات «خطبة، عدة، نكاح».

[الايلاء من الأجنبية والظهار منها]

[مذهب الحنفية]

قال الأحناف: لو قال رجل لأجنبية (أى غير زوجته) والله لا أقربك، أو قال لها أنت على كظهر أمى، ثم تزوجها لم يكن موليا ولا مظاهرا، لأن هذا الكلام فى مخرجه وقع باطلا لعدم المحلية اذ المحل نساء الزوج بالنص فى الايلاء والظهار لقول الله عز وجل: «لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ» (٢) ولقول الله عز وجل: «وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ» (٣). فلا بد كما جاء فى النص من كونها محلا وقت الكلام بالايلاء أو بالظهار.

كذلك لو قال لأجنبية ان دخلت الدار فأنت على كظهر أمى فلا يقع الظهار حتى ولو تزوجها فدخلت الدار، ولا يصير مظاهرا بالاجماع لعدم الملك.

ويصح اضافة التعليق الى سبب الملك، فان قال: ان تزوجتك فأنت على كظهر أمى أو قال: ان تزوجتك فو الله لا أقربك فلو تزوجها صار مظاهرا بوجود الاضافة الى سبب الملك (٤).

وللمذاهب فى ذلك تفصيل ينظر فى مصطلحى «ظهار، وايلاء».

[أثر قذف الأجنبية]

[مذهب الحنفية]

قال الأحناف: قذف الزوجة يوجب اللعان وقذف الأجنبية (وهى غير الزوجة) يوجب الحد فلو قال لامرأته يا زانية بنت الزانية وجب عليه اللعان والحد: اللعان لأنه قذف زوجته والحد لأنه قذف أمها


(١) سورة البقرة: ٢٣٥، وانظر بدائع الصنائع ج‍ ٣ ص ٢٠٤ الطبعة السابقة.
(٢) سورة البقرة: ٢٢٦.
(٣) سورة المجادلة: ٣.
(٤) فتح القدير ج‍ ٣ ص ١٩٤ الطبعة السابقة وبدائع الصنائع ج‍ ٣ ص ١٦٤ الطبعة السابقة.