للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الاشعار فليس مكروها عنده اذ قد اشتهرت الاخبار فيه (١).

فقد جاء فى تبيين الحقائق نقلا عن الطحاوى أنه قال: ما كره أبو حنيفة أصل الاشعار. وكيف يكره ذلك مع ما اشتهر فيه من الأخبار.

وانما كره اشعار أهل زمانه، لأنه رآهم يبالغون فيه على وجه يخاف منه السراية الى الموت، فرأى سد هذا الباب.

وأما اذا وقف على قطع الجلد دون اللحم فلا بأس به واختاره فى غاية البيان، وصححه فى فتح القدير أنه الأولى (٢).

هذا وقد حكى الزيلعى رأيا آخر فى حكم الاشعار عند أبى حنيفة جاء فيه: أنه انما كره أبو حنيفة ايثار الاشعار على التقليد، ولم يكره الاشعار فى ذاته (٣).

ويرى الصاحبان أبو يوسف ومحمد ان الاشعار حسن، للحاجة اليه، حيث أن المقصود هو الاعلام حتى ترد اذا ضلت، ولا تهاج اذا وردت ماء أو كلأ، وأن لا يتعرض لها أحد. وهذا المعنى فى الاشعار أتم، لأنه ألزم والقلادة قد تقع، فمن هذا الوجه يكون الاشعار سنة، الا أنه عارض ذلك دليل الكراهة - وهو كونه مثله - فقلنا بأنه حسن، وان تركه فلا بأس به (٤).

وأضاف ابن نجيم قائلا: وللاتباع الثابت فى صحيح مسلم وغيره.

ولأن الاشعار ليس من المثلة، لأن المثلة ما يكون تشويها كقطع الأنف والأذنين، فليس كل جرح مثلة، ولأنه نهى عن المثلة فى أول الاسلام، وفعل الاشعار فى حجة الوداع، فلو كان الاشعار من المثلة لم يفعله صلّى الله عليه وسلّم (٥).

[مذهب المالكية]

ذكر صاحب الشرح الكبير فى سنن الاحرام: أن اشعار الهدى ثالث السنن لمن أراد أن يحرم، ان كان مع المحرم هدى مما يشعر كالأبل (٦).

وحكى صاحب شرح مختصر خليل اختلاف الفقهاء من المالكية فى حكم


(١) البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم ج ٢ ص ٣٩١ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ٢ ص ٣٩١ الطبعة السابقة.
(٣) تبين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعى ج ٢ ص ٤٧ وهامشه طبع المطبعة الكبرى الأميرية سنة ١٣١٣ هـ‍ الطبعة الأولى.
(٤) المرجع السابق ٢ ص ٤٧ الطبعة السابقة.
(٥) البحر الرائق لابن نجيم ج ٢ ص ٣٩١ الطبعة السابقة.
(٦) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج ٢ ص ٣٩ طبع مطبعة دار احياء الكتب العربية لعيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.