للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحائض والنفساء فى وقت أدركوا فيه بعد الطهارة الدخول فى الصلاة. برهان ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن ثلاثة» فذكر المجنون حتى يفيق، أما المغمى عليه فلما روينا عن عمار بن ياسر رضى الله تعالى عنه أن المغمى عليه يقضى، وقال سفيان:

يقضى ان أفاق عند غروب الشمس الظهر والعصر فقط‍، وقد صح عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما خلاف قول عمار على أن الذى روينا عن عمار انما هو أنه أغمى عليه أربع صلوات فقضاهن، كما روينا عن نافع باسناده أن ابن عمر اشتكى مرة غلب فيها على عقله حتى ترك الصلاة ثم أفاق فلم يصل ما ترك من الصلاة، وعن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه قال اذا أغمى على المريض ثم عقل لم يعد الصلاة. قال على بن حزم: المغمى عليه لا يعقل ولا يفهم فالخطاب عنه مرتفع، واذا كان كل من ذكرنا غير مخاطب بها فى وقتها الذى الزم الناس أن يؤدوها فيه فلا يجوز أداؤها فى غير وقتها لأنه لم يأمر الله تعالى بذلك، وصلاة لم يأمر الله تعالى بها لا تجب (١). وأما من سكر حتى خرج وقت الصلاة أو نام عنها حتى خرج وقتها أو نسيها حتى خرج وقتها ففرض على هؤلاء خاصة أن يصلوها أبدا، قال الله عز وجل «لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ٢» فلم يبح الله تعالى للسكران أن يصلى حتى يعلم ما يقول، وحدثنا عبد الله بن ربيع باسناده عن أبى قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: انه ليس فى النوم تفريط‍ انما التفريط‍ فى اليقظة، فاذا نسى أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها اذا ذكرها (٣).

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الأزهار أنه لا تجب الصلاة على مجنون أو ما فى حكمه كالسكران والمغمى عليه، فاذا أفاق المغمى عليه لا يقضى ما فاته (٤).

[مذهب الإمامية]

جاء فى شرائع الاسلام أنه لو أغمى على المؤذن للصلاة فى خلال الأذان ثم أفاق استحب له أن يستأنفه، ويجوز له البناء (٥). واذا أغمى على من يجب عليه الصلاة فى جميع وقت الصلاة لم يلزمه قضاؤها، وان أغمى عليه أياما استحب له قضاء يوم وليلة، وروى أنه يستحب له قضاء ثلاثة أيام وذلك لأن القضاء فرض ثان والأصل براءة الذمة وأما ما روى أن المغمى عليه يقضى ثلاثة أيام أو يوما وليلة فمحمول على الاستحباب (٦). واذا أدرك المصلى من أول وقت الظهر دون أربع ركعات ثم غلب على عقله بجنون أو اغماء أو حاضت المرأة أو نفست لم يلزمهم الظهر واليه ذهب جميع أصحاب الشافعى الا أبا يحيى البلخى فانه قال يجب عليه صلاة الظهر قياسا على من لحق ركعة من آخر الوقت، دليلنا اجماع الفرقة فانهم لا يختلفون فى أن من لم يدرك من أول الوقت مقدار ما يؤد الفرض فيه لم يلزمه قضاؤه (٧). واذا أدرك من أول الوقت مقدار ما يصلى فيه أربع ركعات ثم جن أو أغمى عليه لزمه قضاؤه واذا لحق مقدار ما يصلى فيه ثمان ركعات لزمه الظهر والعصر معا لما ذكرنا من أن وقت العصر يلى وقت الظهر، وانه اذا زالت الشمس فانه يختص الظهر مقدار أن يصلى أربع


(١) المحلى لأبى محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم ج‍ ٢ ص ٣٣٣، ص ٢٣٤، مسئلة رقم ٢٧٧ الطبعة الأولى طبع ادارة الطباعة المنيرية بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر سنة ١٣٤٨ هـ‍.
(٢) الآية رقم ٤٣ من سورة النساء.
(٣) المحلى لابن حزم الظاهرى ج‍ ٢ ص ٢٣٤، ص ٢٣٥ مسئلة رقم ٢٧٨ الطبعة السابقة.
(٤) شرح الأزهار فى فقه الأئمة الأطهار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح ج‍ ١ ص ١٦٨ وحواشيه الطبعة الثانية طبع مطبعة حجازى بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍.
(٥) شرائع الاسلام فى الفقه الاسلامى الجعفرى للمحقق الحلى ج‍ ١ ص ٥١ طبع دار مكتبة الحياة ببيروت.
(٦) الخلاف فى الفقه للامام أبى جعفر محمد بن الحسن ابن على الطوسى ج‍ ١ ص ٨٩ مسئلة رقم ١٧ الطبعة الثانيه طبع مطبعة رنكين فى طهران سنة ١٣٧٧ هـ‍.
(٧) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٨٨، ٨٩ مسئلة رقم ١٥ الطبعة السابقة.