للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يصح عنه الإنابة فيهما. ويستثنى من ذلك حالات تجوز فيها الاستنابة ممن لا تجوز منه المباشرة لعارض خارج كالمرأة التي لا ولى لها تستنيب من يزوجها ولا تباشر عقد زواجها وقد لا يعد هذا من قبيل الإنابة وإنما يعد من قبيل تعيين صاحب الولاية ومن هذه الصور أيضا إنابة الحائض من يطوف عنها في الحج طواف الزيارة وألزمته التي لا يرجى زوال علتها التي تحول دون طوافها إلى الموت تستنيب من يقوم مقامها في طواف الزيارة. وتجوز الإنابة فيما عدا ذلك من كل أحد مكلف أو مميز مأذونا إلا إذا كان المنيب محرما فلا تجوز إنابته وهو محرم في عقد نكاح له (١).

[الإنابة في الحج والعمرة]

الحج منه الفرض وهو في العمر مرة ومنه الحج المنذور ومنه النفل وهو ما عدا ذلك أما العمرة فهى سنة خلافا للناصر فقد ذهب إلى أنها فريضة في العمر مرة كالحج ويجب أداء حج الفرض دون إنابة فلا يصح أن يحج عن المكلف به غيره متى كان قادرا على أدائه فإذا لحقه عذر ميؤسا منه كأن يكون شيخا كبيرا لا يثبت على راحلة أو مريضا مرضا لا يرجى زواله استتاب من يحج عنه أما إذا لم يكن العذر مما لا يرجى زواله كحبس أو مرض يرجى شفاؤه لم تجز الإنابة بلا خلاف وإذا زال العذر الميؤس منه قبل الوفاة وبعد الحج عنه لم يصح ووجب أن يحج بنفسه خلافا للهادى إذ ذهب إلى أنه يجزئه متى كان الحج قبل زوال العذر ويلحق بالعذر الميؤس منه ألا تجد المرأة محرما ويغلب على ظنها دوام ذلك إلى الموت والخائف الذي يغلب على ظنه عدم زوال خوفه إلي الموت والفقر إذا كان له شئ من المال يحج به ولا يكفيه للزاد لو حج بنفسه ففى هذه الثلاثة وهذا يعد الوجوب إذا غلب على الظن أنه لا يزال العذر جاز التحجيج فإن زال العذر جاء الخلاف (٢) وكما تجوز الإنابة في الحج عند العذر تجوز في المناسك التي لها وقت معين لا تؤدى في غيره كرمى الجمار والمبيت بمنى وليلة مزدلفة لا طواف القدوم ونحوه فيؤخرها حتى يزول العذر وإلا جبرها بدم وقيل تصح فيه النيابة لعذر أيضا (٣). ومن لزمه الحج بتوافر شروطه ولم يحج لزمه الإيصاء إذا كان له مال وإلا ندب له ذلك وإذا أوصى به فحج الوصى عنه وقع عنه وذهب بعض الزيدية إلى أنه لا يصح الإحجاج إلا عن الأبوين فقط وإن لم يوصيا أما الأب فلحد الخثعمية عن ابن عباس عن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله: إن فريضة الله على عباده أدركت أبى شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة وإذا شددته خفت أن يموت أفأحج عنه؟ قال: نعم؛ قالت: أينفعه ذلك قال: أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت تقضينه قالت: نعم. قال: فدين الله أحق أن يقضى. وهذا الحديث قد ورد في الأب وأما الأم فبالقياس على الأب على أنه قد ورد النص بجواز النيابة عنها في الحج كالأب فقد روى عن ابن عباس أن امرأة سألته أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أمها ماتت ولم تحج فهل يجزيها أن تحج عنها فقال: - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت لو كان عليها دين تقضيه أما يجزئ عنها وإنما ينفذ الإيصاء بالحج من الثلث


(١) شرح الأزهار ج ٤ ص ٢٣٨ إلى ص ٢٤٢.
(٢) شرح الأزهار ج ٢ ص ١٢٨، ص ٥٨.
(٣) شرح الأزهار وحواشيه ج ٢ ص ٥٩.