للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلأن لا يكره مالا يحرم أولى (١). وجزم النووى فى المجموع بأنه لا خلاف فى عدم جواز الاكتحال بالمطيب ولزوم الفدية على المحرم ان فعل (٢).

ثم فصل ذلك بقوله يحرم عليه أن يكتحل بما فيه طيب فان احتاج اليه جاز وعليه الفدية. وأشار الى قول صاحب المهذب بأنه يكره الاكتحال بما لا طيب فيه لأنه زينة وعلق عليه بقوله: اتفق أصحابنا على أنه لا يحرم، وأما الكراهة فنقل عن المزنى عن الشافعى أنه لا بأس به ونص فى الاملاء على كراهته.

والأصح أنه على حالين فان لم يكن فيه زينة كالتوتيا الأبيض لم يكره، وان كان فيه زينة كالاثمد كره الا الحاجة كرمد (٣). ونقل صاحبا النهاية والمغنى هذا الرأى الأخير عن المجموع وأضافا اليه قولهما: والكراهية فى المرأة أشد (٤).

[مذهب الحنابلة]

الكحل بالاثمد للمحرم مكروه للمرأة والرجل والكراهة فى حق المرأة أشد لأنها محل الزينة وروى عن ابن عمر أنه قال: يكتحل المحرم بكل كحل ليس فيه طيب. وروى عن أحمد أنه قال: يكتحل المحرم ما لم يرد به الزينة قيل له: للرجال والنساء؟ قال نعم. ويقول ابن قدامه: ان الدليل على كراهته ما روى عن جابر أن عليا قدم من اليمن فوجد فاطمة ممن حل فلبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت: أبى أمرنى بهذا فقال النبى صلّى الله عليه وسلّم: (صدقت صدقت) رواه مسلم وغيره وهذا يدل على أنها كانت ممنوعة من ذلك وروى عن عائشة أنها قالت لامرأة: (اكتحلى بأى كحل شئت غير الاثمد أو الأسود) اذا ثبت هذا فان الكحل بالاثمد مكروه لا فدية فيه لا أعلم فيه خلافا.

وروى شميسة أنها قالت: اشتكيت عينى وأنا محرمة فسألت عائشة فقالت: اكتحلى بأى كحل شئت غير الاثمد أما انه ليس بحرام ولكنه زينة فنحن نكرهه. أما الكحل بغير الأثمد فلا كراهة فيه ما لم يكن فيه طيب لما ذكرنا من حديث عائشة وقول ابن عمر.

وقد روى مسلم عن نبيه بن وهب قال:

خرجنا مع أبان بن عثمان حتى اذا كنا بملل اشتكى عمر بن عبيد الله عينيه فأرسل الى أبان بن عثمان ليسأله فأرسل اليه أن أضمدها بالصبر فان عثمان حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الرجل: اذا اشتكى عينيه وهو محرم ضمدها بالصبر. ففى هذا دليل على اباحة ما فى معناه مما ليس فيه زينة ولا طيب (٥).

[مذهب الظاهرية]

يرى ابن حزم فى المحلى: أن الاكتحال للمحرم جائز (٦).


(١) المهذب ج‍ ١ ص ٢٠٣.
(٢) المجموع شرح المهذب للحافظ‍ النووى مع فتح العزيز شرح الوجيز مطبعة التضامن سنة ١٣٤٥ هـ‍ ج‍ ٧ ص ٢٧١.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٧ ص ٢٨١.
(٤) نهاية المحتاج ج‍ ٣ ص ٣٢٧، مغنى المحتاج ج‍ ١ ص ٥٠٣.
(٥) المغنى لابن قدامة ج‍ ٣ ص ٣٠٦، ٣٠٧.
(٦) المحلى لأبن حزم ج‍ ٣ ص ٢٤٦.