للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سكنت هذه الدار فأقام عقيب يمينه مدة يمكنه الخروج منها فلم ينتقل حنث، لأن اليمين اذا علقت بالفعل تعلقت بأقل ما يقع عليه الاسم من ذلك كرجل حلف لا دخلت الدار حنث بأقل ما يقع عليه اسم الدخول وهو اذا عبر العتبة ولو حلف لأدخلن الدار بر بأقل ما يقع عليه اسم الدخول وان لم يدخل الى جوف الدار.

واذا كان فى دار فحلف لا سكنت هذه الدار ثم خرج عقيب اليمين بلا فصل بر فى يمينه ولم يحنث، وبه قال جميع الفقهاء، لأن الاصل براءة الذمة ولا دليل على شغلها بشئ من هذه اليمين، وأيضا اذا لم يتشاغل عقيب يمينه بغير الخروج منها لا يقال انه ساكن فيها، وكذلك لو كان فى دار مغصوبة فلما عرف ذلك لم يتشاغل عقيب يمينه بغير الخروج لم يأثم لانه تارك، واذا كان فيها فحلف لا سكنت هذه الدار ثم أقام عقيب يمينه لا للسكنى، لكن لنقل الرحل والمال والولد لم يحنث، لأن الاصل براءة الذمة وشغلها يحتاج الى دليل وأيضا فالاعتبار بالسكنى الى العادة ومن كان يجمع رحله وماله وأهله للانتقال لا يقال انه ساكن فى الدار فمن قال انه ساكن بذلك فقد ترك العرف.

ثم قال (١): واذا كان فيها فحلف لا سكنت هذه الدار وانتقل بنفسه بر فى يمينه وان لم ينقل العيال والمال. لأنه أضاف السكنى الى نفسه فاذا خرج منها خرج من أن يكون ساكنا فيها.

ومن ادعى أن عياله أو ماله يكون سكنى فعليه الدلالة والاصل براءة الذمة وأيضا قول الله تعالى: «لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ ٢ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ» فقد أخبر أن من ترك المتاع وخرج منها يقال غير مسكونة.

وفى شرائع الاسلام (٣): أنه لو قال لا سكنت هذه الدار وهو ساكن بها أو لا أسكنت زيدا وزيد ساكن فيها حنث باستدامة السكنى أو الاسكان وبر بخروجه عقيب اليمين ولا يحنث بالعود لا للسكنى بل لنقل رحله.

[مذهب الإباضية]

جاء فى النيل (٤) وشرحه: من حلف لا يسكن الى فلان ولا يساكنه حنث باعتبار اللفظ‍ بأقل ما يقع عليه اسم المساكنة فاذا وقف عنده أو قعد ولو قليلا حنث ولو وقف معه فى طريق.


(١) الخلاف فى الفقه للطوسى ج ٢ ص ٥٦٣ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٢٩ من سورة النور.
(٣) شرائع الاسلام للحلى ج ٢ ص ١٢٢ الطبعة السابقة.
(٤) شرح النيل وشفاء العليل لاطفيش ج ٢ ص ٤٦٨، ص ٤٦٩ الطبعة السابقة.