للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما العرف والعادة فالسكنى عندهم تكون بنحو وط‍ ء الزوجة أو الاكل عندها أو النوم.

فلو حلف لا يساكن زوجته ثم وطئها أو نام أو نعس عندها أو أكل حنث ولا يحنث ان لم ينعس، وكذا ان كان فى سفر أو طريق أو فى غير بيت لا يحنث ولو جامع أو أكل أو شرب أو نام الا فى بيت أو خيمة أو قبة من جلد أو عود أو غيرهما وقيل حيثما جامعها فى السفر أو واكلها حنث وقيل لا حنث على حالف عن المساكنة الا باجتماع أكل أو شرب مع الجماع والنوم ان كان المحلوف عنه زوجة أو زوجا والا لم يشترط‍ الجماع وخص من عموم النوم الاضطجاع حال كونه بنعاس معها أو مع غيرها ممن حلف عن مساكنته فى بيت وان نام معها أو مع غيرها فى غير بيت ونحوه لم يحنث.

وقال أبو الحوارى النوم بنعاس معها فى كبيت أنه يحنث به لا فى غير نحو البيت، ووجهه أن الجماع والمواكلة انما يجعل المسكن لهما ولنحوهما فهما مساكنة حيث وقعا ولو فى صحراء بلا ساتر فسبب الخلاف اعتبار اللفظ‍ مع مدلوله واعتبار العرف والعادة واعتبار داعى المساكنة والسكنى فى نحو بيت وقد قال الله عز وجل «وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها ١» أى ليسكن اليها بالجماع والمؤانسة فسمى ذلك سكونا فباعتبار اللفظ‍ أو اعتبار داعى المساكنة يحنث ولو جامع فى غير بيت ونحوه.

وقيل لا يحنث حتى يساكنها السكن المعتاد فى عرفه أو أن يجعله منزله.

وجاء فى التاج (٢) أنه ان حلفت امرأة لا تسكن دار أبيها أو ابنها ثم تحولت عنه فكانت تزور وتقعد معه أياما أو تبيت فان نوت لا تتخذها منزلا فلا تحنث.

ومن حلف لا يسكن هذه الدار فانهدمت ولم يبق فيها سكنى ثم بناها وجعل فيها خيمة ثم سكنها فلا يحنث لأنها غير المحلوف عليها وان زال سقفها لا جدرها واعاده عليها ثم سكنها حنث.

وان حلف لا يسكن دار فلان فانهدمت الا موضعا فسكنه حنث واليمين على المقام.

ومن حلف لا يساكن فلانا فكانا فى سفينة لم يحنث، لأن ذلك سفر الا أن كانا زوجين وجامعها فيه.

ومن حلف عن مساكنة ولده وهو فى منزل كبير فيه بيوت وغرف ومنزل صغير وكبير وسكن هو والعيال لا يستأذن واحد على الآخر فهذا سكن واحد، وان وصل الى من حلف عنه لا يساكنه زائرا أو استضافه فنام عنده أو قال أو


(١) الآية رقم ٢١ من سورة الروم.
(٢) شرح النيل وشفاء العليل ج ٢ ص ٤٧٠ الطبعة السابقة.