للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له: «وبيع العبد الآبق: عرف مكانه أو لم يعرف جائز وكذلك بيع الجمل الشارد:

عرف مكانه أو لم يعرف وكذلك الشارد من سائر الحيوان ومن الطير المتفلت وغيره إذا صح الملك عليه قبل ذلك وإلا فلا يحل بيعه ثم قال: وكل ما ملكه المرء فحكمه فيه نافذ بالنص إن شاء وهبه وإن شاء باعه وإن شاء أمسكه وإن مات فهو موروث عنه (١).

وقد بنى هذا على الملك كما تقدم وعلى أن التسليم ليس بلازم ولم يوجبه القرآن ولا السنة ولا دليل أصلا وإنما اللازم ألا يحول البائع بين المشترى وبين ما بيع له فقط‍ ثم قال: «ويملكه المشترى ملكا صحيحا فإن وجده فذلك وإن لم يجده فقد استعاض الأجر الذى هو خير من الدنيا وما فيها وربحت صفقته (٢).

[الشيعة الإمامية]

لا يصح عندهم بيع الآبق إلا اذا انضم اليه فى الصفقة شئ آخر مقدور التسليم وقد بين هذا صاحب شرائع الإسلام فقال:

«الثالث (أى من شروط‍ المبيع) أن يكون مقدورا على تسليمه فلا يصح بيع الآبق منفردا ويصح منضما إلى ما يصح بيعه ولو لم يظفر به لم يكن له رجوع على البائع وكان الثمن مقابلا للضميمة» (٣).

[الإباضية]

لا يجوز عندهم بيع العبد الآبق حال إباقه فقد جاء فى كتاب النيل: «والأكثر على منع بيع سمك فى بركة .. ثم قال: وذلك للجهل به وهو فى الماء، إذ لا يتبين فيه، ولأنه قد لا يملك قبضه، لامتناعه بالماء وأبق: بهمزة مفتوحة تليها باء مكسورة وهو الإنسان المملوك الهارب فى إباقته: بكسر الهمزة. ومثله بيع حيوان فى نفاره وهروبه» (٤).

هل الإباق عيب فى العبد

[الحنفية]

الإباق عيب فى العبد عندهم، بخلاف الهرب، اذ الإباق الهرب من غير ظلم السيد له أما الهرب فيكون إذا كان السيد قد ظلمه. قال صاحب الجوهرة نقلا عن الثعالبى: الآبق الهارب من غير ظلم السيد له، فإن هرب من الظلم لا يسمى آبقا، بل يسمى هاربا فعلى هذا الإباق عيب والهرب ليس بعيب (٥).

وعلى ذلك يكون للمشترى رده بالعيب

[المالكية]

الإباق عند المالكية عيب فى العبد كالحنفية، فقد قال ابن رشد الجد فى المقدمات الممهدات حين الكلام على العيوب التى يرد بها: «وهذا فى العيوب التي تكون ظاهرة فى البدن، وأما ما لا يظهر: من الإباق والسرقة وما أشبه ذلك فادعى المبتاع أنه كان بالعبد قديما فقال ابن القاسم يحلف البائع واحتج بروايته عن مالك، وقال أشهب لا يمين عليه» وقد بين حكم البيع بوجود العيوب قديمة فقال: «فأما العيب القديم فيرد به فى القيام والرجوع بقيمته فى الفوات (٦)».


(١) ج‍ ٨ ص ٣٨٨ طبعة إدارة الطباعة المنيرية.
(٢) ج‍ ٨ ص ٣٨٩ الطبعة السابقة.
(٣) ج‍ ١ ص ١٦٦ نشر مكتبة الحياة ببيروت.
(٤) ج‍ ٤ ص ٧٣.
(٥) الجوهرة على القدورى ج‍ ١ ص ٤٦٦ طبعة الأستانة.
(٦) ج‍ ٢ ص ٢٥٤، ٢٥٥ طبعة الساسى.