للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاجارة الفاسدة أحسن وضعا منه فى الصحيحة (١) والأصل أن كل ما قبض بجهة التملك تكون اليد عليه يد ضمان وكل ما قبض لا بجهة التملك لم يضمن الا بالتعدى أو بالتفريط‍ (٢) أما الاجارة الباطلة التى فاتها شرط‍ من شروط‍ الانعقاد أو هى ما لم تشرع أصلا فلا حكم لها رأسا ولا يستحسن بالانتفاع بها شئ كاستئجار المجنون دارا لسكناه فيسكنها أو تمكن من سكناها وكالاستئجار على الفرض أو على القتل لأن العقد يعد فى الحال معدوما والمعدوم لا يترتب عليه وجود غير أنه قد جاء فى الدر المختار أن الاجارة الباطلة لا أجر فيها بالاستعمال وقد جاء فى ابن عابدين أن ظاهر هذا الاطلاق يفيد أنه حكم عام فى الموقوف ومال اليتيم، والمعد للاستغلال، فى حين أن المعد للاستغلال يجب الأجر فيه اذا لم يستعمل بتأويل عقد أو ملك فى حين أن الاستعمال هنا بتأويل عقد باطل الا ان قيل ان الباطل لا حكم له أصلا فوجوده كالعدم كما فى البدائع (٣) وينبغى وجوبه فى الوقف ومال اليتيم، وجاء فى كتاب الغصب أن منافع الغصب غير مضمونة الا أن يكون المغصوب وقفا أو مال يتيم أو معدا للاستغلال، والى ذلك ذهب المتأخرون وعليه الفتوى، واذا لوحظ‍ الأصل السابق فان يد المستأجر اجارة باطلة تكون يد أمانة على العين المستأجرة لأنها لم تقبض على وجه التملك هذا ويجب فسخ الاجارة الفاسدة على كل من طرفيها لأنها عقد غير مشروع (٤).

[مذهب المالكية]

يرى المالكية أن الاجارة تكون صحيحة اذا ما توافرت شروط‍ صحتها عندهم وهى شروط‍ أوجب الشارع توافرها فيها لكى تفيد حكمها وتكون سببا شرعيا تترتب عليه آثارها وتفسد اذا فقدت شرطا من هذه الشروط‍ وعندئذ لا تكون سببا شرعيا يفيد ملك المنفعة التى هى محلها ولا يفيد ملك بدلها وهو الأجر ومن ثم يكون ما يترتب عليه من الانتفاع انتفاعا بغير حق وبسبب غير مشروع وذلك ما يعده المالكية اعتداء أو من قبيل الاعتداء على ملك الغير وحقوقه، ذلك لأن الاجارة اذا كان محلها منفعة عين من الأعيان أو شخص من الأشخاص كان الانتفاع المترتب عليها انتفاعا بملك الغير بطريق غير مشروع وان كان محلها منفعة غير متقومة أو منفعة محظورة كان الانتفاع بها انتفاعا غير مأذون فيه من الشارع وكان أخذ المال تعويضا عنه من قبيل أكله بالباطل وكل ذلك محظور غير أن المنفعة اذا كانت جائزة ومتقومة مملوكة استتبع الانتفاع بها تعويض مالكها ووجب على المنتفع أداؤه اليه واذا كانت غير متقومة أو محظورة لم يجب فيها عوض وكان أخذه أكلا له بالباطل وذلك كاستئجار الرياحين لشمها والدنانير للتزين بها والجدر للاستظلال بظلها ولا تجب


(١) البدائع ج‍ ٤ ص ٢١٨. والدر المختار ج‍ ٥ ص ٤٢.
(٢) جامع الفصولين ج‍ ٢ ص ٥٩ الطبعة الأميرية.
(٣) ابن عابدين ج‍ ٥ ص ١٣١، ١٤٥.
(٤) الاشباه والنظائر ج‍ ٢ ص ٢٢١.