للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيها أجرة ان وقعت (١) وقد جاء فى الحطاب:

التعدى هو الانتفاع بملك الغير دون حق فيه والخطأ فيه كالعمد أو هو التصرف فيه بغير اذن من مالكه أو ممن يقوم مقامه من ولى أو قاض بدون قصد تملكه ويدخل فيه سائر الأجراء اذا خالفوا وسيان فى التعدى أن تكون يد المتعدى باذن من المالك أم لا كما فى القراض والودائع والاجارات وقد فرق الفقهاء بينه وبين المغتصب من وجوه، منها: أن الغاصب ضامن للسلعة المغصوبة يوم الغصب لأنه يوم وضع يده عليها اعتداء وأن المعتدى انما يضمنها يوم تعدى عليها لا يوم وضع يده عليها وان الغاصب يضمن الفساد القليل اليسير والمتعدى لا يضمن الا الكثير وأن على المعتدى كراء ما تعدى عليه وأجرته بكل حال عند مالك بينا قال فى الغاصب: لا كراء عليه، وفى كثير من هذه الأصول اختلاف بين أصحابنا معلوم، ويؤخذ من هذا: أن من تعدى على دابة فركبها مخالفا فعليه أجرتها (٢)، وأن الفرق بين الغصب والتعدى: أن الغاصب يقصد باستيلائه أن يتملك المغصوب وأن المتعدى لا يقصد الا الانتفاع وقد يكون ذلك بعد صدور اذن من المالك بوضع اليد كما فى العارية والاجارة عند مخالفة المستعير والمستأجر وقد لا يكون ذلك بعد اذن سابق، والخلاصة: أن عقد الاجارة اذا لم يتوافر فيه شرط‍ من شروط‍ صحته التى أوجبها الشارع فانتفع المستأجر بناء عليه كان انتفاعه بناء على عقد فاسد غير مشروع وكان لذلك اعتداء على منافع العين التى هى ملك لصاحبها وكان على المنتفع أجر مثل العين لمالكها بالغا ما بلغ لأن المنفعة مال عندهم وقد استهلكها المستأجر بغير حق فوجب عليه ضمانها وذلك بأجر مثلها وهذا اذا كانت منفعة متقومة، أما اذا كانت غير متقومة فلا يعتاض عنها ولا يجب لها عوض ومن ثم لا يجب على المنتفع بها أجر بانتفاعه كما فى استظلاله بجدار بيت أو استضاءته بسراج انسان فى منزله وكذلك اذا كانت المنفعة محظورة كما فى الاستئجار على قتل بغير حق أو اعتداء فارتكب المستأجر ما طلب منه لم يستحق أجرا اذ لا أجر على معصية ترتكب وانما الواجب فيها الحد أو التعزير أما الأجير اذا عمل بناء على عقد فاسد وقام بعمل متقوم ليس بمعصية لمن طلبه منه كان له كذلك أجر مثله وذلك لتقوم عمله واستفادة المستأجر منه وانتفاء نية التبرع فيه ويجب على عاقديها فسخها لأنها عقد غير مشروع وما كان غير مشروع يجب تركه، واذا تجاوز المستأجر المنفعة المستأجر عليها فزاد فيها كأن استأجر دابة لمسافة معينة فزاد عليها أو لحمل ثقل معين فزاد عليه بما يعد مخالفة عرفا فانه بذلك ينتقل من حال الأمان الى حال الضمان فاذا هلكت العين بعد ذلك ضمنها سواء أكان هلاكها بسبب المخالفة أم بغيرها واذا سلمت كان عليه الأجر المسمى مضافا اليه أجر الزيادة وقد اختلف المالكية فى أجر الزيادة أيقدر بأجر مثلها بالغا ما بلغ أم يقدر على أساس الأجر المسمى؟ قولان لابن القاسم وقال عنه عيسى وكراء المثل أحب الى الا أن ينقص عن الكراء المسمى فعندئذ يؤخذ بالمسمى (٣).


(١) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج‍ ٤ ص ١٩، ص ٢١.
(٢) الحطاب ج‍ ٥ ص ٢٧٤.
(٣) العقد المنظم للأحكام ج‍ ١ ص ٢٧٣.