للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيجب على زوجها تسليم البدل اليها، وذلك لأن تسليم محل المنفعة يقوم مقام تسليم المنفعة اذ المنافع قبل الاستيفاء معدومة - لأن التسليم هو جعل الشئ سالما للمسلم اليه وذلك برفع الموانع وقد وجد، لأن الكلام فى الخلوة الصحيحة وهى عبارة عن التمكن من الانتفاع، ولا يتحقق التمكن الا بعد ارتفاع الموانع كلها فثبت أنه وجد منها تسليم المبدل فيجب على الزوج تسليم البدل (١).

[وأما وجوب النفقة]

فقد ذكر صاحب بدائع الصنائع أن الشرط‍ الأول فى وجوب النفقة للزوجة هو أن تسلم المرأة نفسها الى الزوج وقت وجوب التسليم - ونعنى بالتسليم التخلية، وهى أن تخلى بين نفسها وبين زوجها برفع المانع من وطئها أو الاستمتاع بها حقيقة اذا كان المانع من قبلها أو من قبل غير الزوج، فان لم يوجد التسليم على هذا التفسير وقت وجوب التسليم فلا نفقة لها.

وان كانت الزوجة صغيرة يجامع مثلها فهى كالبالغة فى النفقة، لأن المعنى الموجب للنفقة يجمعهما.

وان كانت لا يجامع مثلها فلا نفقة لها عندنا اذ لا يتحقق التسليم فى الصغيرة التى لا يجامع مثلها، لا منها ولا من غيرها، لقيام المانع فى نفسها من الوط‍ ء والاستمتاع، لعدم قبول المحل لذلك، فانعدم شرط‍ وجوب النفقة فلا يجب.

وقال أبو يوسف اذا كانت الصغيرة تخدم الزوج وينتفع الزوج بها بالخدمة فسلمت نفسها اليه، فان شاء ردها وان شاء أمسكها، فان أمسكها فلها النفقة، وان ردها فلا نفقة لها، لأنها اذا لم تحتمل الوط‍ ء لم يوجد التسليم الذى أوجبه العقد، فكان له أن يمتنع من القبول فان أمسكها فلها النفقة، لانه حصل له منها نوع منفعة وضرب من الاستمتاع، وقد رضى بالتسليم القاصر، وان ردها فلا نفقة لها.

وان كان الزوج صغيرا والمرأة كبيرة فلها النفقة لوجود التسليم منها على التفسير الذى ذكرنا، وانما عجز الزوج عن القبض.

ولو كانت المرأة مريضة قبل النقلة مرضا يمنع من الجماع فنقلت وهى مريضة فلها النفقة بعد النقلة وقبلها أيضا. واذا طلبت النفقة فلم ينقلها الزوج وهى لا تمتنع من النقلة لو طالبها الزوج. وان كانت تمتنع فلا نفقة لها كالصحيحة كذا فى ظاهر الرواية، لأن التسليم فى حق التمكين من الوط‍ ء ان لم يوجد فقد وجد فى حق التمكين من الاستمتاع وهذا يكفى لوجوب النفقة كما فى الحائض والنفساء والصائمة صوم رمضان.

وروى عن ابى يوسف رضى الله تعالى عنه أنه لا نفقة لها قبل النقلة، فاذا نقلت وهى مريضة فله ان يردها لأنه


(١) بدائع الصنائع للكاسانى ج ٢ ص ٢٩٢، ص ٢٩٣.