للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو أب الأم وان علا، وكذلك الأم اذا قتلت ولدها أو أم الأم أو أم الأب اذا قتلت ولد ولدها. والأصل فيه ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يقاد الوالد بولده» واسم الوالد والولد يتناول كل والد وان علا، وكل ولد وان سفل، ولو كان فى ورثة المقتول ولد القاتل أو ولد ولده فلا قصاص لأنه بقدر ايجاب القصاص للولد فى نصيبه فلا يمكن الايجاب للباقين لأنه لا يتجزأ وتجب الدية للكل. ويقتل الولد بالوالد لعمومات القصاص من غير فصل، ثم خص منها الوالد بالنص الخاص فبقى الولد داخلا تحت العموم. ولأى القصاص شرع لتحقيق حكمة الحياة بالزجر والردع والحاجة الى الزجر فى جانب الولد لا فى جانب الوالد، لان الوالد يجب ولده لولده لا لنفسه بوصول النفع اليه من جهته أو بحبه لحياة الذكر لما يحيى به ذكره وفيه أيضا زيادة شفقة تمنع الوالد عن قتله.

فأما الولد فانما يحب والده لا لوالده بل لنفسه وهو وصول النفع اليه من جهته فلم تكن محبته وشفقته مانعة من القتل فلزم المنع بشرع القصاص كما فى الأجانب، ولأن محبة الولد لوالده لما كانت المنافع تصل اليه من جهته لا لعينه فربما يقتل الولد ليتعجل الوصول الى أملاكه لا سيما اذا كان لا يصل النفع اليه من جهته لعوارض. ومثل هذا يندر فى جانب الأب (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى «بداية المجتهد» قال مالك: لا يقاد الأب بالابن الا أن يضجعه فيذبحه فأما ان حذفه بسيف أو عصا فقتله لم يقتل وكذلك الجد عنده مع حفيده (٢).

وجاء فى «حاشية الدسوقى» لا يقتل الأب بولده ولو قصد ما لم يقصد ازهاق روحه كخنق ومنع طعام أو شراب قاصدا به موته فمات فان قصد مجرد التعذيب فالدية ومن ذلك الأم تمنع ولدها الرضاعة حتى مات فان قصدت موته قتلت والا فالدية على عاقلتها أى لا تقتل بمنعه مطلقا بل حتى تقصد موته قياسا على ما مر فى الأب من أنه لا بد مع الضرب من قصد الموت والا لم يقتل (٣).

[مذهب الشافعية]

جاء فى «مغنى المحتاج» أنه لا قصاص بقتل الوالد الولد وان سفل لخبر الحاكم والبيهقى وصححاه: «لا يقاد للابن من أبيه» ولرعاية حرمته ولأنه كان سببا فى وجوده فلا يكون سببا فى عدمه ولو حكم حاكم بقتل الحر بالعبد أو الأصل بالفرع نقض حكمه فى الثانى دون الأول الا أن أضجع الأصل فرعه وذبحه فلا ينقض حكمه وكلامهم يشمل الأب والأم والأجداد والجدات وان علوا من قبل


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ح‍ ٧ ص ٢٣٥ نفس الطبعة السابقة.
(٢) بداية ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد.
مطبعة أحمد كامل باستانبول ح‍ ٢ ص ٣٣٥ والمدونة الكبرى للامام مالك ح‍ ٤ ص ٣٩٤.
(٣) حاشية الدسوقى عن الشرح الكبير ح‍ ٤ ص ٢٤٢ نفس الطبعة السابقة.