قول: أبى العباس وظاهر النص، لأن تفاوته فى النعومة والخشونة ليس بأكثر من تفاوت الحنطة فى صغر الحب وكبره، فعلى هذا يكون حكمه حكم الحنطة اذا خلطها بالحنطة.
والثانى: أنه لا مثل له وهو قول أبى أسحاق لأنه يتفاوت فى الخشونة والنعومة ولهذا لا يجوز بيع بعضه ببعض.
فعلى هذا اختلف أصحابنا فيما يلزمه.
فمنهم من قال: يلزمه قيمته لأنه تعذر رده بالاختلاط، ولا مثل له، فوجبت القيمة.
ومنهم من قال: يصيران شريكين فيه فيباع، ويقسم الثمن بينهما، على ما ذكرناه فى الزيت اذا خلطه بالشيرج.
[مذهب الحنابلة]
جاء فى كشاف القناع (١): أن الغاصب ان خلط المغصوب بماله على وجه لا يتميز فيه المغصوب عن غيره، مثل أن يخلط حنطة بمثلها أو يخلط دقيقا بمثله، أو زيتا بمثله، أو نقدا بمثله، لزم الغاصب مثل المغصوب المختلط من المغصوب وغيره، لأنه قدر على دفع بعض ماله اليه مع رد المثل فى الباقى، فلم ينتقل الى بدله فى الجميع، كما لو غصب صاعا، فتلف بعضه.
ولا يجوز للغاصب أن يتصرف فى ماله منه بدون اذن المغصوب منه، لأنها قسمة، فلا تجوز بغير رضا الشريكين.
ولا يجوز أيضا للغاصب أن يخرج قدر الحرام من المختلط بدون اذن المغصوب منه، لأنه اشتراك، فلا يقاسم نفسه لا استهلاك.
وأنكر الامام قول من قال: يخرج منه قدر ما خالطه.
هذا ان عرف ربه.
فان لم يعرف، تصدق به عن ربه، وما بقى حلال، وان عبر الحرام الثلث قال أحمد فى الذى يعامل بالربا يأخذ رأس ماله، ويرد الفضل ان عرف ربه، والا تصدق به، ولا يؤكل عنده شئ.
وان شك فى قدر الحرام تصدق بما يعلم أنه أكثر منه، نص عليه.
وان خلط المغصوب بدونه من جنسه، أو خلطه بخير منه من جنسه، أو خلطه بغير جنسه مما له قيمة ولو بمغصوب مثله لآخر، وكان الخلط على وجه لا يتميز كزيت بشيرج، فمالكا المخلوطين شريكان بقدر قيمتهما، فيباع الجميع، ويدفع الى
(١) كشاف القناع وبهامشه منته الارادات ج ٢ ص ٣٥٠، ص ٣٥١ الطبعة السابقة والاقناع فى فقه الامام أحمد بن حنبل ج ٢ ص ٣٤٦ الطبعة السابقة.