مقتضيا للقضاء واللازم منتف. أما الملازمة فبينة إذ الوجوب أخص من الاقتضاء وثبوت الأخص يستلزم ثبوت الأعم.
وأما انتفاء اللازم فلأنا قاطعون بأن قول القائل صم يوم الخميس لا يقتضى صوم يوم الجمعة بوجه من وجوه الاقتضاء ولا تعرض له به ولا تداول أصلا.
ولنا أيضا لو وجب به لاقتضاه ولو اقتضاه لكان أداء وكان بمشابة أن بقول صم إما يوم الخميس وإما يوم الجمعة وهو تخيير بينهما. والثانى أداء برأسه لا قضاء للأول.
ولنا أيضا يلزم أن يكونا سواء فلا يعصى بالتأخير.
وللخصم أن يقول: إنى أدعى أنه أمر بالصلاة أو بإيقاعها في يوم الخميس، فلما فات إيقاعها فيه بقى الوجوب مع نقص فيه فلا يلزم اقتضاء خصوص الجمعة ولا كونها أداء ولا كونهما سواء.
قالوا: أولا، الزمان ظرف من ضرورة المأمور به فلا يؤثر اختلاله في سقوطه.
الجواب: أن الكلام في الفعل المقيد بوقته بحيث لو قدم لم يعتد به كالصلاة. والوقت في مثله داخل في المأمور به وقيد له وإلا لجاز التقديم.
قالوا ثانيا: الوقت المأمور به كالأجل للدين فكما أن الدين لا يسقط بألا يؤدى في أجله ويجب الأداء بعده فكذا المأمور به إذا لم يؤد في وقته وجب الأداء بعده.
الجواب أنا لا نسلم كونه كأجل الدين لما تقدم أنه لو قدم لم يعتد به بخلاف أداء الدين.
قالوا ثالثا: لو وجب بأمر جديد لكان أداء لأنه أمر بالفعل بعد الوقت فيكون مأتيا به في وقته لا بعده وهو الأداء.
والجواب أنه إنما سمى قضاء لأنه استدراك مصلحة ما فات أولا حاصله منع للملازمة إذ يشترط في الأداء ألا يكون استدراكا لمصلحة فاتت.
ثم قال العضد:
إن هذه المسألة مبنية على أن المقيد هو المطلق والقيد وهما شيئان كما في التعقل والتلفظ أو ما صدقا عليه وهما شئ واحد يعبر عنه بالمركب من متعدد.
[ثانيا: طريقة الحنفية.]
صور البزدوي المسألة بقوله: (١)
اختلف المشايخ في القضاء: أيجب بنص مقصود "قصد به إيجاب القضاء ابتداء" أم بالسبب "الأمر" الذي يوجب الأداء؟.
فقال بعضهم بنص مقصود لأن القربة عرفت قرية بوقتها، وإذا فاتت عن وقتها ولا يعرف لها مثل إلا بالنص كيف يكون لها مثل بالقياس وقد ذهب وصف فضل الوقت. وقال عامتهم يجب بذلك السبب.
وبيان ذلك أن الله تعالى أوجب القضاء في الصوم بالنص فقال: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وجاءت السنة بالقضاء في الصلاة قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها".
فقلنا نحن: وجب القضاء في هذا بالنص وهو مفعول فإن الأداء كان فرضا فإذا فات فات
(١) كشف الأسرار جـ ١ ص ١٣٨.