للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما المفلس الذى له فضله من مهنة يتكسب منها أو غلة وقف ونحوه مما لا يباع فانه يبقى له كفايته وكفاية من يعولهم الى وقت ذلك الدخل الذى يعود عليه سواء قصرت المدة أم طالت. والفرق بين الكسوب وغيره حيث جعل لغيره النفقة بيوم واحد - أن الكسوب ونحوه يعلم لتقدير النفقة له أجل محدد وهو الدخل بخلاف غيره حيث لا يعلم له ذلك (١). واذا حبس المفلس ففى نفقته فى الحبس وجهان: الاول: أنها على الدائن لانه حبس من أجله والثانى: أنها فى ماله نفسه لانه حبس لواجب عليه (٢). وقد سبق تفصيل ما يترك للمفلس بنوعيه من الكسوة والمسكن فى بيع مال المفلس.

[مذهب الإمامية]

يجرى القاضى على المفلس نفقته وكسوته ويتبع فى ذلك عادة أمثاله وكذلك يجرى نفقة من تجب على المفلس نفقته بالمعروف الى يوم قسمة ماله بين الدائنين، فيعطيه هو وعياله نفقة ذلك اليوم خاصة لانه موسر فى أول ذلك اليوم ولا يزيد على ذلك لانه لا ضابط‍ لما بعده. وهذا اذا لم يكن له كسب يصرفه الى هذه الجهات. فان كان ذا صفة صنعة تكفيه لذلك أو كان يقدر على تكسب ذلك لم يترك له القاضى شيئا. ولو أنفقت القسمة فى طريق سفر المفلس فالاقرب إجراء النفقة والكسوة عليه الى يوم وصوله إلى منزله (٢). وقد سبق ذكر حكم مسكن المفلس وكسوته فى بيع مال المفلس.

[مذهب الإباضية]

سبق ذكر نفقة المفلس وكسوته وسكناه وما يتركه له القاضى منها - عندهم فى بيع مال المفلس فيرجع الى تفصيلها هناك (٣).

انتهاء حالة الافلاس

وما يترتب عليها

[مذهب الحنفية]

يرتفع الافلاس والحجر عن المديون المفلس بابراء الدائنين أو بوصول حقهم اليهم (٤)

[مذهب المالكية]

ينفك الحجر عن المفلس متى حكم القاضى بخلع ماله وأخذ المال من تحت يده وبقيت من ديون الدائنين بقية وينفك عنه حينئذ حتى ولو لم يقسم ماله الذى أخذ منه على الدائنين، لان العلة فى تفليسه والحجر عليه كانت خوف اتلاف ماله والعلة اذا زالت معلولها. وللدائنين تحليف المفلس أنه لم يخف شيئا من ماله عنهم فان امتنع من الحلف فلا ينفك حجره، ويظل مستمرا عليه حتى يحلف أو يوافقه الدائنون على أنه لم يخف مالا عنهم.

ولا يحتاج فك الحجر عن المفلس إلى حكم القاضى به على المعتمد، لانه لا يحتاج الى اجتهاد. وقال ابن القصار: وتلميذه عبد الوهاب البغدادى:

لا ينفك عنه إلا بقضاء القاضى به لاحتياجه للاجتهاد الذى لا يضبطه إلا القاضى. وإذ لم يتجدد للمفلس مال بعد أخذ المال منه وثبوت عدمه وانفكاك الحجر عنه فلا يجوز الحجر عليه ثانيا ولو طال زمان عدم تجدد المال. وهذا هو الذى به العمل وقال الباجى: يكشف عن حاله كل ستة أشهر، لان الغالب تغير الاحوال خلالها وحصول الكسب فيها فان وجد عنده مال حجر عليه والا فلا. ويترتب على انفكاك الحجر عن المفلس نفوذ تصرفاته التى كان ممنوعا منها حتى يحجر عليه دائنوه الذين حجروا عليه أولا أو غيرهم اذا تجدد له مال (٥) على ما سبق تفصيله فى اثر الافلاس فى المال الحادث


(١) البحر الزخار السابق والتاج المذهب السابق ص ١٦٥، شرح الازهار السابق ص ٢٨٨.
(٢) مفتاح الكرامة ج ٥ ص ٣٣٢ وما بعدها، شرائع الإسلام ج ١ ص ٢٠٢.
(٣) شرح النيل ج ٧
(٤) تكملة فتح القدير والعناية على الهداية ج ٧ ص ٣٢٤ الطبعة السابقة.
(٥) شرح الخرش ج ٥ ص ٣٠٩ وما بعدها حاشية الدسوقى ج ٣ ص ٢٦٨ وما بعدها والشرح الصغير ج ٢ ص ١٤٤