للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثمن، ولو كان المشترى اثنين فله حبس المبيع حتى يستوفى الثمن منهما جميعا ما لم يكن قسمته إفراز. فلو كانا مبيعين فلعله يقرع بينهما، وفى بعض الحواشى: فها بها أي يدا بيد، وقيل يقدم ما دخلت عليه الباء. وقال المنصور بالله: بل يقدم تسليم المبيع ثم الثمن عقيبه؛ ليستويا في جواز التصرف، وقال المؤيد بالله: يعدل الثمن ثم يسلم المبيع وفاء بالحقين (١). ولا يجب على البائع التسليم للمبيع إلى موضع العقد، وإنما الواجب أن يسلم المبيع حيث هو إلا أن يشرط عليه تسليمه إلى موضع العقد لزمه الوفاء به. وعند المؤيد بالله أنه يجب على البائع تسليم المبيع إلى موضع العقد ولو عرف المشترى أنه في موضع آخر. ولا يلزم البائع تسليم المبيع إلى منزل المشترى إلا لعرف جرى بذلك كما يجرى في الحطب والحشيش ونحوهما فإن العرف جار بأن يوصله البائع إلى منزل المشترى في المصر. قال في الحاشية هذا إذا كانت منزل المشترى معروفا فإن لم يكن معروفا فسد العقد، ويحتمل أن يصح العقد ويلزمه الإيصال في الميل، والمقرر الأول؛ لأن هذه الجهالة مغتفرة لأن هذا من باب الحقوق وهى تغتفر الجهالة فيها (٢).

[مذهب الإمامية]

جاء في الروضة البهية إن إطلاق العقد بتجريده عن شرط تأخير أحد العوضين أو تأخيرهما إذا كانا عينين أو أحدهما يقتضى قبض العوضين فيتقابضان معا لو تمانعا من التقدم، سواء كان الثمن عينا أو دينا، وإنما لم يكن أحدهما أولى بالتقديم لتساوى الحقين في وجوب تسليم كل منهما إلى مالكه، وقيل يجبر البائع على الإِقباض أولا لأن الثمن تابع للمبيع، ويضعف باستواء العقد في إفادة الملك لكل منهما، فإن امتنعا أجبرهما الحاكم معا مع إمكانه، كما يجبر الممتنع من قبض ماله فإن تعذر فكالدين إذا بذله المدين فامتنع من قبوله، ويجوز استراط تأخير إقباض المبيع مدة معينة كما يجوز اشتراط تأخير الثمن والانتفاع به منفعة معينة لأنه شرط سائغ فيدخل تحت العموم. والقبض في المنقول كالحيوان والأقمشة والمكيل والموزون والمعدود نقله، وفى غيره التخلية بينه وبينه بعد رفع اليد عنه، وحيث يكتفى بالتخلية فالمراد بها رفع المانع للمشترى من القبض بالإِذن فيه ورفع يده ويد غيره عنه إن كان، ولا يشترط مضى زمان يمكن وصول المشترى إليه إلا أن يكون في غير بلده بحيث يدل العرف على عدم القبض بذلك، والظاهر أن اشتغاله بملك البائع غير مانع منه وإن وجب على البائع التفريغ، ولو كان مشتركا ففى توقفه على إذن الشريك قولان أجودهما العدم لعدم استلزامه التصرف في مال الشريك. نعم لو كان منقولا توقف على إذنه لافتقار قبضه إلى التصرف بالنقل فإن امتنع من الإِذن نصب الحاكم من يقبضه أجمع، بعضه أمانة وبعضه لأجل البيع، وقيل يكفى حينئذ التخلية وأن لم يكتف بها قبله (٣). ويجب قبض الثمن لو دفعه إلى البائع


(١) شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح جـ ٣ ص ٣٤٩ في كتاب أسفله هوامش عليه.
(٢) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد زين الدين الجبعى العاملى جـ ١ ص ٣٣٥ الطبعة مكتبة دار الكتب مصر.
(٣) المرجع السابق جـ ١ ص ٣٣٤ الطبعة السابقة.