للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لم يكن عليه إلا ثوب واحد ربما تحرك أو زال الثوب عنه فتبدو عورته (١).

وفى الحديث الاحتباء حيطان العرب، يعنى ليس فى البرارى حيطان فاذا أرادوا الاسناد احتبوا، لأن الاحتباء يمنعهم من السقوط‍ ويصير لهم كالجدار (٢).

واستعمله الفقهاء بهذا المعنى، واختلفوا فى حكمه فى انتظار الصلاة يوم الجمعة، فأجازه طائفة منهم وكرهه آخرون.

[مذهب الحنفية]

أما الأحناف فقالوا: وللرجل أن يحتبى فى يوم الجمعة إن شاء لأن قعوده فى انتظار الصلاة فيقعد كما يشاء.

وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم فى التطوعات فى بيته كان يقعد محتبيا، فإذا جاز ذلك فى الصلاة ففى حالة انتظارها أولى (٣).

[مذهب المالكية]

وقال المالكية: يجوز الاحتباء والإمام فى الخطبة. وقال الباجى فى المنتقى: روى ابن نافع عن مالك: لا بأس أن يحتبى الرجل يوم الجمعة والإمام يخطب.

وقال فى النوادر: وله ان يحتبى والإمام يخطب.

قال أبو داود: وكان ابن عمر يحتبى والإمام يخطب، وكان أنس كذلك وجل الصحابة والتابعين قالوا لا بأس بها، ولم يبلغنى أن أحدا كرهه إلا عبادة بن نسى.

وقال الترمذى: وكره قوم الحبوة وقت الخطبة ورخص فيها آخرون.

وقال الخطابى بالنسبة للحبوة والمعنى فيه أنها تجلب النوم فتعرض طهارته للنقض وتمنع من استماع الخطبة، لما روى أبو داود والترمذى والحاكم وابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب (٤).

[مذهب الشافعية]

وقال الشافعية: ويكره الاحتباء حال الخطبة للنهى الصحيح عنه ولجلبة النوم (٥).

[مذهب الحنابلة]

وأما الحنابلة فقالوا: ولا بأس بالاحتباء مع ستر العورة لما تقدم من مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام: «ليس على فرجه منه شئ»، يعنى الحديث الذى رواه اسحاق ابن عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن عطاء بن يزيد عنه مرفوعا: نهى عن لبستين وهما اشتمال الصماء (وهو أن يضع ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو واحد شقيه ليس عليه ثوب). والاحتباء (وهو أن يحتبى به ليس على فرجه منه شئ).

ويحرم الاحتباء مع عدمه، أى عدم ستر العورة، لما فيه من كشف العورة بلا حاجة، وعلم من الحديث انه إذا كان عليه ثوب آخر لم يكره لأنه لبسة المحرم وفعلها النبى صلى الله عليه وسلم وأن صلاته صحيحة إلا أن تبدو عورته (٦).


(١) لسان العرب لابن منظور، مادة «حبا».
(٢) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ج‍ ٢ ص ١٧٦.
(٣) المبسوط‍ ج‍ ٢ ص ٣٦.
(٤) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل ج‍ ٢ ص ١٧٦.
(٥) نهاية المحتاج ج‍ ٢ ص ٣١٥.
(٦) كشاف القناع ج‍ ١ ص ١٨٨.