للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى الاحصان، وبذلك الذميان محصنين فان تزوج المسلم ذمية فوطئها صارا محصنين.

وقد روى مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال: «جاء اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا … وذكر الحديث فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما» ولأن الجناية بالزنا استوت من المسلم والذمى فيجب أن يستويا فى الحد، وما قيل من أن النبى صلى الله عليه وسلم رجم اليهوديين بحكم التوراة بدليل أنه راجعها فلما تبين له أن ذلك حكم الله عليه أقامه فيهم وفيها أنزل الله تعالى: «إِنّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ، يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا»، فذلك غير سديد لأن النبى عليه السلام انما حكم عليهم بما أنزل الله اليه، بدليل قوله تعالى:

«فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ، وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ، لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً» ولأنه لا يسوغ للنبى صلى الله عليه وسلم الحكم بغير شريعته، فلو ساغ ذلك لساغ لغيره، وانما راجع التوراة لتعريفهم أن حكم التوراة موافق لما حكم به عليهم، وأنهم تاركون لشريعتهم مخالفون لحكمهم.

وفوق ذلك فانه اذا كان حكم الله فى وجوب الرجم ثابتا فى حقهم وجب أن يحكم به عليهم، فقد ثبت وجود الاحصان فيهم فانه لا معنى له سوى وجوب الرجم على من زنى منهم بعد وجود شروط‍ الاحصان فيه (١).

[مذهب الظاهرية]

أما الظاهرية، فقد قال ابن حزم فى المحلى: ما نعلم الاحصان فى اللغة والشريعة يقع الا على معنيين: على الزواج الذى يكون فيه الوط‍ ء، فهذا اجماع لا خلاف فيه، وعلى العقد فقط‍، وما نعلمه يقع على الحرة المطلقة فقط‍، وان احصان العبد بتزوج الحرة واحصان الأمة أن يتزوجها الحر .. وفرعوا على ذلك.

ا) أن الحر والحرة اذا زنيا وكانا غير محصنين فان عليهما جلد مائة وتغريب عام، واستدلوا بقوله تعالى «الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ»، وبقوله عليه السلام «البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم». وبما صح عن عمر رضى الله عنه من أنه جلد امرأة زنت مائة جلدة وغربها عاما، وروى مثله عن على بن أبى طالب.

ب) وان الحر والحرة اذا زنيا وكانا محصنين فان عليهما جلد مائة والرجم واستدلوا بقوله عليه السلام:

«خذوا عنى، خذوا عنى، وقد جعل الله لهن سبيلا: الثيب بالثيب جلد


(١) المغنى لابن قدامة ج‍ ٩ ص ٧ وما بعدها مطبعة العاصمة والاقناع ج‍ ٤ ص ٢٥٠، ٢٥١ المطبعة المصرية بالازهر.