للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دون أمه اذا نفخ فيه الروح قبل أن تضعه أمه، ولا هبته دونها، ويجوز عتقه قبل أن ينفخ فيه الروح وتكون أمه بذلك العتق حرة وان لم يرد عتقها، ولا تجوز هبته أصلا دونها، فان أعتقها وهى حامل فان كان جنينها لم ينفخ فيه الروح فهو حر الا أن يستثنيه، فان استثناه فهى حرة وهو غير حر وان كان قد نفخ فيه الروح فان أتبعها اياه اذا أعتقها فهو حر وان لم يتبعها اياه أو استثناه فهى حرة وهو غير حر، وكذلك القول فى الهبة اذا وهبها سواء سواء ولا فرق. وحد نفخ الروح فيه تمام أربعة أشهر من حملها - وبرهان ذلك قول الله سبحانه وتعالى «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً، فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً، فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً، ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ» (١).

وعن عبد الله بن مسعود قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ان خلق أحدكم يجمع فى بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله اليه ملكا فيؤمر بأربع كلمات:

فيكتب رزقه وعمله وأجله ثم يكتب شقى أو سعيد ثم ينفخ فيه الروح فهذه النصوص توجب كل ما قلناه فصح انه الى تمام المائة والعشرين ليلة ماء من ماء أمه ولحمه ومضغة من حشوتها كسائر ما فى جوفها فهو تبع لها لانه بعضها وله استثناؤه فى كل حال لانه يزايلها كما يزايلها اللبن واذ هو كذلك فاذا أعتق فقد أعتق بعضها فوجب بذلك عتق جميعها ولا تجوز هبته دونها لانه مجهول ولا تجوز هبة المجهول. وأما اذا نفخ فيه الروح فهو غيرها لان الله سبحانه وتعالى سماه خلقا آخر وهو حينئذ قد يكون ذكرا وهى أنثى ويكون اثنين وهى واحدة ويكون أسود أو أبيض وهى بخلافه فى خلقه وخلقه وفى السعادة والشقاء فاذ هو كذلك فلا يجوز هبته ولا عتقه دونها لانه مجهول ولا يجوز التقرب الى الله تعالى الا بما تطيب النفس عليه ولا يمكن البتة طيب النفس الا فى معلوم الصفة والقدر فان أعتقها فلا عتق له لانه غيرها فان وهبها فكذلك فان اتبعها حملها فى العتق والهبة والصدقة جاز ذلك لأنه لم يزل الناس فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعلمه وبعده يعتقون الحوامل وينفذون عتق حملها ويهبون كذلك ويبيعونها كذلك ويتملكونها بالقسمة كذلك ويتصدقون ويهدون ويضحون باناث الحيوان فيتبعون أحمالها لها فتكون فى حكمها (٢).

[مذهب الزيدية]

جاء فى كتاب «شرح الازهار» أن من الأسباب الموجبة للعتق ملك ذى الرحم المحرم نسبا ولو من زنا ولو اختلفت الملة كالآباء وان علوا والأولاد وان سفلوا والاخوة وأولادهم والأعمام والأخوال لا أولادهم، فمتى ملكه


(١) الآيات رقم ١٢، ١٣، ١٤ من سورة المؤمنون.
(٢) المحلى لابن محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم الأندلسى ح‍ ٩ ص ١٨٧، ١٨٨ المسألة رقم ١٦٦٣ الطبعة الاولى.