للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الى مكة ذهابا وايابا راكبا لا ماشيا. فمن تحقق فيه هذا لا يجب عليه الحج فى حال اعساره حتى ولو أتيح له الحصول على هذا المقدار من المال بطريق الاباحة أو الاعارة أو الهبة مادام لم يقبلها، وسواء كان هذا المال - المتاح له الحصول عليه من جهة من لا منة له عليه كالوالدين والمولودين. أو من غيرهم ممن يمتن عليه.

لكن اذا حج من أعسر ولو بالسؤال من الناس فانه يجوز ذلك ويجزئه عن حجة الاسلام حتى ولو أيسر بعد ذلك لا يلزمه حجة أخرى. لأن اشتراط‍ هذا المقدار من المال فى حقه انما هو للتيسير ودفع للحرج عنه لا لاثبات أهلية الوجوب، فاذا أداه سقط‍ عنه كالمسافر اذا صام رمضان ولأن المعسر اذا وصل الى المواقيت صار حكمه حكم أهل مكة فيجب عليه الحج كما يجب على المعسر القادر على المشى من أهل مكة أو القريبين منها (١).

وهذا اذا كان معسرا ابتداء.

اما ان كان موسرا وقت خروج القافلة من بلده للحج ثم أعسر بعد ذلك فان الحج لا يسقط‍ عنه، سواء كان الاعسار بسبب هلاك ماله أو استهلاكه، لأن شرط‍ الحج هو القدرة التى تمكن الانسان من فعله ولا يشترط‍ دوامها لوجوب الحج، لأنها شرط‍ محض ليس فيه معنى العلة المؤثرة (٢).

وجاز له أن يستقرض للحج، وقيل يلزمه ووجوب الحج مع القدرة على الفور عند الشيخين خلافا لمحمد.

[مذهب المالكية]

يجب الحج فى الراجح على الشخص المعسر الذى لا يملك زادا ولا راحلة اذا تحقق فيه أمران:

الأول: أن يكون قادرا على المشى ولو كان المشى غير معتاد له فى الظاهر من الأقوال ويكون ذلك قائما مقام الراحلة بالنسبة له.

واشترط‍ القاضى عبد الوهاب والباجى أن يكون المشى معتادا له فلا يجب عليه الحج عندهما ان كان غير معتاد للمشى ويزرى به ولو قدر عليه تحقيقا.

الثانى: أن تكون له حرفة غير مزرية بحاله يعملها فى الطريق وتقوم به بأن يقدر على فعلها وتكون نافعة بحيث يحصل منها قوته. ويعلم أو يظن عدم كسادها، لأن حرفته تقوم مقام الزاد. فان كان مع اعساره لا يقدر على المشى ولا صنعة له أو كان يقدر على أحدهما دون الآخر فانه لا يجب عليه الحج حينئذ.

ومن أعسر بالزاد والراحلة وعجز عما


(١) البدائع ج ٢ ص ١٢٠، ١٢٢، الجوهرة ج ١ ص ١٤٩، ١٥٠، فتح القدير ج ٢ ص ١٢٨
(٢) البدائع ج ٢ ص ١٢٢، حاشية ابن عابدين ج ٢ ص ٣٦٠، ص ١٤٤ من الطبعة الاميرية الثالثة، فتح القدير ج ٢ ص ١٢٠