للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خارج الماء حيا سواء أخرجه الإنسان من الماء أو خرج بنفسه من الماء فأدركه الإنسان حيا وأخذه ولو كان الآخذ له غير مسلم متى شاهده المسلم والراجح عندهم أنه يجوز أكله حيا وقيل لا يباح حتى يموت.

وبناء على ما تقدم فإن ما أبين من السمك وهو حى يحل أكله على الرأى الأول ولا يحل أكله على الرأى الثانى.

وتذكية الجراد عندهم أخذه حيا باليد أو الآلة ولو كان الأخذ له غير مسلم إذا شاهده المسلم.

ويباح أكله حيا إذا كان الجراد يطير بنفسه. أما الدبى - أى الجراد قبل أن يطير - فلا يحل أكله.

وبناء على ذلك فإن ما أبين من الجراد وهو حى يحل أكله متى كان الجراد يطير بنفسه وذكى (١).

حكم ما آبين من الحيوان بعد تذكيته

وقبل موته:

قال فقهاء الحنفية: إذا أبين جزء من الحيوان بعد ذبحه وقبل موته حل أكل هذا الجزء مع الكراهة سواء أكان الجزء المبان هو الرأس أو غيرها. وقوله عليه السلام «ما أبين من الحى فهو ميت» لا يقتضى تحريم هذا الجزء لأن كلمة الحى وردت فى الحديث مطلقة والمطلق ينصرف إلى الفرد الكامل وذلك بأن يكون الحى حيا حقيقة وحكما. والحيوان بعد ذبحه وقبل موته وإن كانت فيه حياة حقيقة إلا أنه يعتبر ميتا حكما لأن الشارع لا يعتبر مثل هذه الحياة ولا يرتب عليها حكما وإنما كره إبانة جزء من الحيوان فى هذه الحالة لأنه تعذيب بلا فائدة. وكل ما فيه تعذيب للحيوان بلا فائدة فهو مكروه (٢).

ومذهب المالكية كمذهب الحنفية فى ذلك (٣)

والظاهر من مذهب الشافعية إن الجزء المبان فى هذه الحالة يحل أكلة لأن شرط‍ حل أكل الحيوان البرى المأكول هو الذكاة وقد وجدت ولم يشترطوا فى حل الأكل الموت مع الذكاة. وأما الإبانة فى ذاتها فقال بعضهم ان ذلك محرم وقال بعضهم أنه مكروه والحرمة أو الكراهة إنما هى لذات الفعل لما فى ذلك من تعذيب الحيوان (٤).

ومذهب الحنابلة كمذهب الحنفية فى ذلك فيحل أكل الجزء المبان عندهم لأن الإبانة كانت بعد حصول الذكاة فكانت شبيهة بالابانة بعد الموت. أما الكراهة فلأن إبانة هذا الجزء قد يترتب عليها سرعة زهوق الروح فضلا عن أنه تعذيب للحيوان وذلك مكروه واستندوا فى ذلك الى ما روى عن أبى هريرة رضى الله عنه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بديل ابن ورقاء الخزاعى على جمل أورق يصيح فى فجاج منى بكلمات منها: «لا تعجلوا الأنفس أن تزهق» واستندوا أيضا إلى قول عمر رضى الله عنه: «لا تعجلوا الأنفس حتى تزهق» (٥).


(١) راجع الروضة البهية ج‍ ٢ ص ٢٧٢، ٢٧٣ طبعة سنة ١٣٧٨ هـ‍.
(٢) راجع الدر المختار وحاشية ابن عابدين ج‍ ٥ ص ٢٥٨، ٢٧٠ الطبعة الثالثة سنة ١٢٩٩ هـ‍.
(٣) راجع حاشية الدسوقى ج‍ ٢ ص ١٠٩ طبعة سنة ١٣٥٥ هـ‍.
(٤) راجع شرح المحلى على المنهاج وحاشيتى القليوبى وعميرة ج‍ ٤ ص ٢٣٩، ٢٤٢، ٢٤٣ طبعة سنة ١٣٦٨ هـ‍
(٥) راجع شرح منتهى الإرادات ج‍ ٣ ص ٤٠٩ طبعة سنة ١٣٦٦، والمغنى ج‍ ١١ ص ٥٣، ٥٤ طبعة سنة ١٣٤٨ هـ‍.