للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فخرج ما فيه بالفتح وتلف، أو زقٍ منصوبٍ فسقط بالفتح لتحريكه الوكاء وجذْبِه وخرج ما فيه وتلف ضمن؛ لأنه باشر الإتلاف (١).

[مذهب الحنابلة]

أولًا: انفلات الصيد:

جاء في (كشاف القناع): أنه إن وقع صيد في شرك إنسان أو شبكته ونحوه وانفلت منها في الحال أو خرقها وذهب منها، أو بعد حين، لم يملكه رب الشبكة، لأنه لم يثبته فإذا صاده غيره ملكه، وإن أخذ الشبكة وذهب بها فصاده إنسان مع بقاء امتناعه ملكه الثاني ويرد الشبكة لربها؛ لأن الأول لم يملكه، فإن لم يعرف رب الشبكة فهى لقطة، فإن مشى الصيد بالشبكة على وجه لا يقدر على الامتناع فهو لصاحبها؛ لأنه أزال امتناعه كما لو أمسكه الصائد وثبتت يده عليه ثم انفلت منه، فإن ملكه لا يزول عنه بانفلاته (٢).

ثانيًا: انفلات الدابة:

جاء في (كشاف القناع): أنه لو انفلتت الدابة ممن هي في يده وأفسدت شيئًا فلا ضمان على أحد، لحديث "العجماء جرحها جبار" (٣) فلو استقبلها إنسان فردها فالقياس عندهم الضمان قاله الحارثى، ثم قال: ويحتمل عدم الضمان لعموم الخبر، ولأن يده ليست عليها (٤).

وفى (الشرح الكبير): أن صاحب البهيمة يضمن ما أفسدته من الزرع والشجر ليلًا، ولا يضمن ما أفسدت من ذلك نهارًا يعنى اذا لم تكن يد أحد عليها؛ لما روى مالك بسنده عن حزام بن سعيد بن محيِّصة أن ناقة للبراء دخلت حائط قوم فأفسدت، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل الأموال حفظها بالنهار، وما أفسدت بالليل فهو مضمون عليهم (٥)، ولأن العادة من أهل المواشى إرسالها في النهار للرعى وحفظها ليلًا. وعادة أهل الحوائط حفظها نهارًا دون الليل. فإذا ذهبت ليلًا كان التفريط من أهلها بتركهم حفظها في وقت عادة الحفظ، وإن تلفت نهارًا كان التفريط من أهل الزرع فكان الضمان عليهم، وقد فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما وقضى على كل إنسان بالحفظ في وقت عادته قال بعض أصحابنا: إنما يضمن مالكها ما أتلفته ليلًا إذا فرط بإرسالها ليلًا أو نهارًا أو لم يضمها بالليل أو ضمها بحيث يمكنها الخروج. أما إذا ضمَّها فأخرجها غيره بغير إذنه أو فتح عليها بابها، فالضمان على مخرجها أو فاتح بابها؛ لأنه المتلف وإن انفلتت دابة المحرم فأتلفت صيدًا لم يضمنه كالآدمى إذا أتلفه (٦).

[ثالثا: انفلات النار والماء]

جاء في (المغنى): أنه إذا أوقد الشخص في ملكه نارا أو فى موات فطارت شرارة إلى دار جاره، فأحرقتها أو سقى أرضه فنزل الماء إلى أرض جاره فغرّقها لم يضمن إذا كان فعل ما جرت به العادة من غير تفريط؛ لأنه غير متعد، ولأنها سراية فعل مباح، فلم يضمن كسراية القود (٧).


(١) مغني المحتاج: ٥/ ٢٥٨، والمهذب: ١/ ٣٧٥.
(٢) كشاف القناع: ٦/ ٢٢٦.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) كشاف القناع: ٥/ ٣٧١، وما بعدها.
(٥) سنن أبى داود، كتاب البيوع، باب المواشى تفسد زرع قوم. وسنن ابن ماجه، كتاب الأحكام، باب الحكم فيما أفسدت المواشى.
(٦) الشرح الكبير: ٥/ ٤٥٤، وما بعدها.
(٧) المغني: ٥/ ٤٥٣.