للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اما ان أعسر بنفقة أم ولده فانها لاتباع قطعا ولا يجبر على اعتاقها ولا على تزويجها براغب فى الأصح خلافا لأبى زيد ان غاب مولاها، ويجبر على اجارتها، فان تعذرت اجارتها أجبر على تخليتها لتكتسب وتنفق على نفسها، فان عجزت عن الكسب فنفقتها فى بيت المال ثم على مياسير المسلمين.

فان غاب مولاها ولم يعلم له مال ولا كسب لها وليس هناك بيت مال. قال القمولى:

فالرجوع لقول أبى زيد بتزويجها أولى للمصلحة وعدم الضرر.

وكذلك حكم الدابة ان أعسر صاحبها بعلفها - ولا مرعى لها - فانه يؤمر ببيعها كلها أو جزء منها أو اجارتها، فان امتنع باعها القاضى أو آجرها عليه، فان تعذر ذلك أنفق عليها من بيت المال، فان تعذر فعلى مياسير المسلمين كما فى الرقيق.

ولو كانت دابته لا تملك ككلب مثلا لزمه ان أعسر بكفايتها أن يدفعها لمن يحل له الانتفاع بها أو يرسلها.

وهذا وأما ان أعسر الشخص بنفقة أو عمارة ما لا روح فيه كقناة ودار وشجر فانه لا يجبر على الانفاق ولا على شئ مما ذكر وان كان يكره منه تركها حتى تهلك لما فيه من اضاعة المال (١).

[مذهب الحنابلة]

ان أعسر السيد بنفقة عبده أو أمته أجبر على ازالة ملكه عنهما ببيع أو هبة أو عتق ونحوه، وذلك بشرط‍ أن يطلب العبد أو الأمة ذلك، لما روى عن الرسول صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «عبدك يقول أطعمنى والا فبعنى»، ولأن بقاء ملكه على عبده مع اعساره اضرار به وازالة الضرر واجبة.

وكذلك ان أعسر مالك البهيمة بما تحتاج اليه من علفها او اقامة من يرعاها فانه يجبر على بيعها أو اجارتها أو ذبحها ان كانت مما يؤكل، لأنها تتلف اذا تركت بلا نفقة واضاعة المال منهى عنها، فان أبى فعل شئ من ذلك فعل القاضى الأصلح من هذه الامور الثلاثة، أو استدان عليه وانفق عليها، لقيام القاضى مقامه فى أداء ما وجب عليه عند امتناعه منه.

وهذا كله يفارق نفقة الشجر والزرع والعقار ونحوه من غير الحيوان فليس للقاضى اجبار مالكه على الانفاق أو البيع ونحوه مما ذكر ان أعسر بها.

وفى الفروع يتوجه وجوب الانفاق عليه فيجبر على ذلك لئلا يضيع المال (٢).


(١) اسنى المطالب ج ٣ ص ٤٤٢، ٤٤٥، حاشية البجرمى على الإقناع ج ٤ ص ٧١ - ٧٢ تحفة المحتاج ج ٣ ص ٣٩٥
(٢) المغنى والشرح الكبير ج ٩ ص ٣١٤، ٣١٨، كشاف القناع وشرح المنته بهامشه ج ٣ ص ٣٢٤ - ٣٢٥ - ٣٦٢ - ٣٦٣