للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال: أن الهاربة خفية لمكان مجهول تسقط‍ نفقتها، ولو قدر على ردها أو علم بمكانها.

ويقول ابن رشد (١): إن هناك اختلافا فى شأن الزوج غير المبالغ هل تجب عليه النفقة، وسبب اختلافهم هل النفقة لمكان الاستمتاع أو لمكان أنها محبوسة على الزوج كالغائب والمريض.

وجاء فى المدونة (٢): إن مالكا يقول فى المريضة إذا دعته للدخول بها، وكان مرضها لا يمنع من الجماع فان النفقة لازمة للزوج، أما إذا كان لا يقدر على جماعها فى المرض فدعت إلى البناء بها وطلبت النفقة فان لها ذلك.

وقال مالك فى الأمة (٣): ان لها النفقة وان كانت تبيت عند أهلها.

وقال الدردير (٤): فى المطلقة: إن المطلقة رجعيا لا تسقط‍ نفقتها مطلقا، والبائن تسقط‍ نفقتها إن لم تحمل، على تفصيل فيما يجب من أنواع النفقة، على ما يتبين فى مصطلح «نفقة».

وقال خليل والدردير (٥): ان المرأة ان حبست فى دين فلا تسقط‍ نفقتها لأن المنع من الاستمتاع ليس من جهتها وكذلك ان حبسته هى فى دين لها عليه لاحتمال أن يكون معه مال أخفاه فيكون متمكنا من الاستمتاع بأدائه لها، ولو حبسه غيرها لم تسقط‍ بالأولى، وكذلك إذا حجت الفرض لا تسقط‍ نفقتها ولو بغير أذنه أو حجت تطوعا بإذنه ولها نفقة الحضر.

[مذهب الشافعية]

جاء فى الإقناع على متن أبى شجاع (٦):

إن النفقة واجبة للزوجة الممكنة نفسها تمكينا تاما لأنها سلمت ما ملك عليها فيجب ما يقابله من الأجرة لها ولا تجب بمجرد العقد لأنه صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة وهى صغيرة ودخل بها بعد سنتين ولم ينقل أنه أنفق عليها قبل الدخول، ولو كان حقا لها لساقه أليها، ولو وقع لنقل.

وعلل البجرمى فقال: إن النفقة دائرة مع التمكين وجودا وعدما.

ويقول الخطيب: فإن لم تعرض عليه زوجته مدة مع سكوته عن طلبها ولم تمتنع فلا نفقة لها لعدم التمكين، وان عرضت عليه وهى عاقلة بالغة مع حضوره فى بلدها كأن بعثت إليه تخبره أنى مسلمة نفسى اليك، فاختر أن آتيك حيث شئت أو تأتى إلى وجبت نفقتها من حين بلوغ الخبر، ولو اختلف الزوجان فى التمكين، فقالت مكنت فى وقت كذا فأنكر ولا بينة صدق بيمينه لأن الأصل عدمه (٧).

وعلق البجرمى على قول الخطيب «أن النفقة واجبة للزوجة الممكنة» فقال: ان


(١) بداية المجتهد ج‍ ٢ ص ٤٥، طبع مطبعة الجمالية الطبعة الأولى سنة ١٣٢٩ هـ‍.
(٢) المدونة ج‍ ٤ ص ١٠٤ طبعة إلساسى.
(٣) المدونة ج‍ ٤ ص ١٠٥.
(٤) الشرح الكبير بحاشية الدسوقى ج‍ ٢ ص ٥١٤.
(٥) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٥١٧.
(٦) الإقناع وحاشية البجرمى ج‍ ٤ ص ٧٣ طبعة القاهرة سنة ١٢٩٤ هـ‍.
(٧) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٧٥.