للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفسه بوديعته ان لم يجد ماله، ويضمن.

وان لم يجد الا مالا لغيره فله أن يخلص نفسه لأن على صاحب هذا المال أن يخلصه من القتل ان قدر. وأيضا لا خلاف بين أهل العلم أن رجلا لو كان فى سفر أو حضر وعدم الطعام وخاف الهلاك ولم يجد الا مال رجل مسلم أن يأكله بغير رأيه، ويضمن ويحيى نفسه من الموت. قلت بل فيه قول: أنه يموت ولا يأكل منه قال:

اذا كان بالاجماع يجوز له تنجية نفسه بالأكل من مال غيره، كان جائزا تنجية نفسه به من القتل (١).

وقد ذكر صاحب الشرح أقوالا أخرى منها: أنه لا ينجى نفسه بمال غيره الا أن أشهد الناس عليه. وقيل ينجى نفسه به ويجهد فى الايصاء به ما استطاع وقيل لا يلزمه ايصاء وأن ذلك حق على صاحب المال. وهذا مع غرابته حسن اذا اعتقد أنه يتخلص منه ان استطاع (٢).

[هل للمضطر أن يقاتل المالك اذا امتنع؟]

[مذهب الحنفية]

جاء فى البدائع «وليس له أن يمنع الناس من الشفه وهو الشرب .. الا اذا كان ذلك فى أرض مملوكة فلصاحبها أن يمنعهم عن الدخول فى أرضه، اذا لم يضطروا اليه بأن وجدوا غيره لأن الدخول اضرار به من غير ضرورة، فله أن يدفع الضرر عن نفسه. وان لم يجدوا غيره واضطروا وخافوا الهلاك يقال له: أما أن تأذن بالدخول وأما أن تعطى بنفسك فان لم يعطهم ومنعهم من الدخول فلهم أن يقاتلوه بالسلاح ليأخذوا قدر ما يندفع به الهلاك عنهم» لما روى أن قوما وردوا ماء فسألوا أهله أن يدلوهم على البئر فأبوا فسألوهم أن يعطوهم دلوا فأبوا، فقالوا لهم أن أعناقنا وأعناق مطايانا كادت تقطع فأبوا فذكروا ذلك لعمر فقال: «هلا وضعتم فيهم السلاح (٣).

غير أن هذا الحكم خاص بالمياه التى تجرى فى المجارى الخاصة أو تنبع وتنفجر من عيون خاصة كالآبار الخاصة.

أما الماء المحرز فى الأوانى والصهاريج ونحوها فان الحنفية يعطونها حكم الطعام. وقد بينه الكاسانى بقوله «فمن عنده فضل ماء زائد عن حاجته للممنوع أن يقاتله ليأخذ منه الفضل لكن بما دون السلاح كما اذا أصابته مخمصة وعند صاحبه فضل طعام فمنعه وهو لا يجد غيره. اذ لابد


(١) شرح النيل ج ٩ ص ٢٠٦.
(٢) نفس المرجع السابق.
(٣) البدائع ج ٦ ص ١٨٨ - ١٨٩.