للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزوجين أبًا له؛ لأنه لم يكمل له خمس رضعات من لبن أحدهما، ويحرم الطفل عليهما إن كان أنثى؛ لكونه ربيبًا لهما قد دخلا بأمه لا لكونه ولدهما (١).

وإذا تزوج امرأة لها لبن من زوج قبله أو من سيد اشترى أمة لها لبن من زوج أبانها، فوطئها فحملت منه ولم تلد ولم يزد لبُنها أو لم تحمل فاللبن للأول؛ لأن نصف اللبن كان له والأصل بقاؤه، وإن زاد اللبن بعد الحمل زيادة في أوانها فاللبن لهما، فإن أرضعت به طفلًا صار ابنًا لهما كما لو كان الولد منهما؛ لأن زيادته عند حدوث الحمل ظاهر في أنه منه وبقى لبن الأول؛ لأن أصله منه فوجب أن يضاف إليهما، وإن لم يزد اللبن بالحمل أو زاد قبل أوانه أو لم تحمل وزاد بالوطء فاللبن للأول.

وإن انقطع لبن الأول ثم ثاب بحملها من الثاني فهو لهما؛ لأن اللبن كان للأول فلما عاد بحدوث الحمل فالظاهر أن لبن الأول ثاب بسبب الحمل من الثاني فكان مضافًا إليهما، كما لو لم ينقطع. ومتى ولدت فاللبن للثانى وحده إذا زاد؛ لأن زيادته بعد الولادة تدل على أنه لحاجة المولود فتمتنع المشاركة فيه إلا إذا لم يزد اللبن أو لم ينقص من الأول حتى ولدت فاللبن لهما، لأن اللبن الأول أضيف إلى الولد الأول، واستمراره على حاله أوجب بقاءه عليه، وحاجة الولد الثاني إلى اللبن أوجبت اشتراكهما فيه كالعين إذا لم يدفع المستحق الثاني صاحب اليد عنها يبقى استحقاقه لها (٢).

[مذهب الظاهرية]

جاء في (المحلى): إن حملت امرأة ممن يلحق ولدها به فدبَّ لها اللبن ثم وضعت فطلقها زوجها أو مات عنها فتزوجها آخر، أو كانت أمة فملكها آخر فما أرضعت فهو ولد للأول لا للثانى، فإن حملت من الثاني فتمادى اللبن فهو للأول إلا أن يتغير ثم يعتدل، فإنه إذا تغير فقد بطل حكم الأول وصار للثانى (٣).

[مذهب الزيدية]

جاء في (شرح الأزهار): أنه يثبت حكم البنوة لذى اللبن وهو زوجها الذي علقت منه وأرضعت بعد العلوق. وعن ابن عباس وابن مسعود وابن عمر وابن الزبير وداود: أن الرضاع لا يقتضى التحريم بالنسبة إلى الرجل، بمعنى أنه لا يشارك الأم في حكم البنوة. وعندنا أن الزوج يشاركها إن كان لها زوج وإلا فالولد لها فحسب.

ومعنى ثبوت حكم البنوة إنما هو في تحريم النكاح دون غيره من الأحكام كالنسب والإرث وسقوط القود ونحو ذلك، وإنما يشاركها في حكم البنوة في المرضع، فيصير ابنًا له كما هو ابن لها من وطئها وعلقت منه بولد ولحقه نسبه، فإن اللبن بعد هذا العلوق يصير لهما جميعًا، وقبل العلوق لا يشاركها فيه عندنا.

قال المهدى عليه السلام: وإنما قلنا (ولحقه) احتراز من أن تعلق منه في نفس الأمر، ولا يلحقه في ظاهر الشرع كالولد المنفى باللعان ونحو ذلك؛ فإنه إذا لم يلحقه العلوق لم يشاركها في اللبن. نعم ولا يزال الرجل مشاركًا للمرأة في


(١) كشاف القناع: ٣/ ٢٩٠.
(٢) المرجع السابق: ٣/ ٢٩٦، بتصرف.
(٣) المحلى: ١٠/ ٢٤.