للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الامتناع من إيفاء الدين واستيفائه ما يتعلق بذلك]

[مذهب الحنفية]

قال ابن عابدين فى حاشيته على الدر المختار: وفى الفتاوى الهندية أنه لو استقرض حنطة فأعطى مثلها بعد تغير سعرها يجبر المقرض على القبول. ولو استقرض الطعام ببلد الطعام فيه رخيص فلقيه المقرض في بلد الطعام فيه غال فأخذه الطالب بحقه، فليس له أن يحبس المطلوب، ويؤمر المطلوب بأن يوثق له بكفيل حتى يعطيه طعامه في البلد الذي أخذه منه فيه، قال في الذخيرة ما نصه، قال بشر عن أبى يوسف رضى الله تعالى عنهما: لو أقرض رجل طعاما أو غصبه إياه وله حمل ومؤنة والتقيا في بلدة أخرى الطعام فيها أغلى أو أرخص، فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى قال: يستوثق له من المطلوب حتى يوفيه طعامه حيث غصب أو حيث أقرضه، وقال أبو يوسف رضى الله تعالى عنه: إن تراضيا على هذا فحسن، وأيهما طلب القيمة أجبر الآخر عليه. ولو استقرض شيئا من الفواكه كيلا أو وزنا ثم انقطع عن أيدى الناس قبل أن يقبضه إلى المقرض فعند أبى حنيفة رضى الله تعالى عنه يجبر المقرض على أن يؤخر القبض إلى إدراك الجديد ليصل إلى عين حقه لأن الانقطاع بمنزلة الهلاك، ومن مذهبه أن الحق لا ينقطع عن العين بالهلاك، وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى: هذا لا يشبه كساد الفلوس لأن هذا مما يوجد فيجبر المقرض على التأخير إلا أن يتراضيا على القيمة وهذا في الوجه كما لو التقيا في بلد الطعام فيه غال فليس له حبسه ويوثق له بكفيل حتى يعطيه إياه في بلده (١). وجاء في الفتاوى الهندية أنه لو استقرض الجمد في الصيف وسلم في الشتاء يخرج عن العهدة، ولو قال صاحب الجمد لا آخذ العام منك، قال أبو بكر الاسكاف رضى الله تعالى عنه: لا أعلم هنا حيلة سوى أن يدفع الذي عليه الجمد مثل وزنه جمدا ويطرح في مجمدة صاحبه حتى يبرأ عما عليه، وقال القاضي الإِمام فخر الدين رضى الله تعالى عنه: المخرج عندى أن يرفع الأمر إلى القاضي حتى يجبر على قبول مثل ما كان عليه كما لو استقرض من آخر حنطة فأعطى مثلها بعد ما تغير سعرها فإنه المقرض على القبول، كذا في مختار الفتاوى (٢). ولو قضى المدين الدين أجود مما عليه لا يجبر رب الدين على أن يقبله، كما لو دفع إليه أنقص مما عليه، وإن قبل جاز كما لو أعطاه خلاف الجنس وهو الصحيح، ولو كان الدين مؤجلا فقضاه قبل حلول الأجل يجبر على القبول، وإن أعطاه المدين أكثر مما علمه وزنا فإن كانت الزيادة تجرى بين الوزنين جاز (٣).

[مذهب المالكية]

جاء في مواهب الجليل أن المديان إذا دفع الحق لصاحبه وأراد أخذ الوثيقة أو تقطيعها فإنه يقضى له بذلك إن امتنع رب الدين من ذلك قال


(١) حاشية ابن عابدين على الدر المختار جـ ٤ ص ١٨٠، ص ١٨١ الطبعة الثالثة طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر سنة ١٣٢٥ هـ.
(٢) الفتاوى الهندية المسماة بالفتاوى العالمكرية جـ ٣ ص ٢٠٢.
(٣) المرجع السابق جـ ٣ ص ٢٠٣، ص ٢٠٤ نفس الطبعة.