الشيخ أبو الحسن الصغير رحمه الله تعالى في آخر كتاب المديان عند قول المدونة ومن أمر رجلا يدفع إلى فلان ألف درهم سواء قال عنى أو لم يقل، ثم قال الآمر كانت لى دينا على المأمور، وأنكر المأمور وقال بل أسلفته إياها، فالقول قول المأمور، قال أبو إسحق رحمه الله تعالى إلا أن يعلم أن مثله لا يملك هذا القدر لعدمه وفلسه يؤخذ من هذه المسألة أن من اقتضى دينا لا يلزمه أن يدفع الوثيقة لغريمه المطلوب خوف دعوى السلف. وقال ابن عبد الحكم وأصبغ وابن دينار رضى الله تعالى عنهم: يجبر على دفعها وتقطع، قال ابن الهندى رحمه الله تعالى: ولا يبرأ بدفعها إلى الغريم إذا قام الطالب عليه، واستظهر المطلوب في الوثيقة أنه يقول سقطت منى فحكم عليه بردها للطالب وبالغرم بعد يمين الطالب. وقال في العتبية: وسئل عن رجل لقى رجلا قال: أشهدك أنى قد تقاضيت من فلان مائة دينار كانت لى عليه فجزاه الله خيرا فإنه أحسن قضائى فليس لى عليه قليل ولا كثير، فلقى الرجل الذي أشهد الرجل الذي زعم أنه قضاه فأخبره بما قال له، فقال كذب إنما أسلفته ذلك. قال ابن القاسم رضى الله تعالى عنه: القول قول الذي زعم أنه أسلفه مع يمينه إلا أن يأتى الآخر بالبينة أنه تقاضاها في دينه، قال ابن رشد أثرها: ويأتى على أصل أشهب في قوله أنه لا يؤاخذ أحد بأكثر مما يقربه على نفسه أن يكون القول قول المقتضى وهو قول ابن الماجشون نصا في هذه المسألة بعينها. ويقوم من هذه المسألة أن من كان له حق على رجل بوثيقة فدقع الذي عليه الحق إلى الذي له عليه الحق ودعا إلى قبض الوثيقة منه أو تحريقها أن ذلك ليس له وإنما له أن يشهد عليه وتبقى الوثيقة بيد صاحب الدين لأنه يدفع بها عن نفسه إذ لعل الذي كان عليه الدين أن يستدعى بينة قد سمعوا إقرار صاحب الدين بقبضه منه أو حضروا دفعه إليه ولم يعلموا على أى وجه كان الدفع فيدعى أنه إنما دفع إليه ذلك المال سلفا أو وديعة ويقول هات بينة تشهد لك إنما قبضت ذلك منى من حق واجب لك، فبقاء الوثيقة وقيامه بها يسقط هذه الدعوى التي تلزمه وقد كان شيخنا الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقيم ذلك فيما أخبرنى عنه غير واحد من أصحابنا وما أشك أن يكون في كلام سمعه منه من آخر مسئلة من كتاب المديان من المدونة وهو كلام صحيح، إلا أن محمد بن عبد الحكم يرى له من الحق أخذ الوثيقة وقطعها وهوقول عيسى بن دينار في بعض روايات العتبية وهو قول أصبغ في الواضحة. وقال ابن فرحون في تبصرته: وللذى عليه الدين أخذ وثيقة الدين من صاحبها أو يقضى عليه بتقطيعها، وقاله ابن العطار رحمه الله تعالى ونحوه في الواضحة وكتاب الحدانى وبه القضاء، وقال محمد بن الحكم رضى الله تعالى عنه لا يقطع وثيقة الدين ولا يجبر ربها على إعطائها، ويجبر على أن يكتب له براءة في الموضع الذي فيه الشهود عليه، ونحوه في وثائق ابن الهندى لأنه سبب لوجوب اليمين عليه إن ادعى عليه بعد ذلك دعوى كاذبة. وفى أحكام ابن سهل في امرأة قامت بصداق لم تثبته فحلف الزوج ودعا إلى قطعه وأرادت الزوجة حبس الصداق بيدها فأفتى ابن لبابة أنه يجاب إلى تقطيعه لأنه سقط عنه بيمينه لما ادعى عليه بما فيه، وإذا سقط عنه فليقطع. ثم قال إذا دفع إلى المطلقة أو المتوفى عنها زوجها كالئها ليس عليها أن تدفع كتاب صداقها إلى الزوج ولا إلى ورثته لما في حبس