للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النقد ونحوه - لما فيه من الكلفة «أما العين فيلزم ربها أخذها بغير محلها لخفة حملها إلا لخوف أو احتاج إلى كبير حمل، ومثل العين الجواهر النفيسة الخفيفة.

[مذهب الشافعية]

قال الشافعى فى الأم (١) فى باب السلم:

فإن دعا المدين الدائن إلى أخذ حقه قبل محله، وكان حقه ذهبا أو فضة أو نحاسا أو تبرا أو عرضا غير مأكول ولا مشروب ولا ذى روح يحتاج إلى العلف والنفقة جبر على أخذ حقه منه إلا أن يبرئه لأنه قد جاءه بحقه وزيادة تعجيله قبل محله.

ثم قال: ولست انظر فى هذا إلى تغير قيمته فإن كان يكون فى وقته أكثر قيمة أو أقل قلت للذى له الحق إن شئت حبسته وقد يكون فى وقت أجله أكثر قيمة منه حين يدفعه أو أقل.

وجاء فى شرح المنهاج (٢) إن أداء القرض كأداء المسلم فيه صنفا وزمنا ومحلا. وعلق الشبراملسى على ذلك بقوله: إن المراد من تشبيهه به فى الزمان ما ذكروه من أنه إذا أحضر المقترض ما فى ذمته من دين فى زمن النهب لا يجب عليه قبوله، كما أن المسلم فيه إذا أحضره المسلم إليه قبل محله لا يلزمه القبول وإن أحضره فى زمن الأمن وجب قبوله فالمراد من التشبيه مجرد أن القرض قد يجب قبوله إذا أتى به للمقرض وقد لا يجب.

[مذهب الحنابلة]

يقول ابن قدامة (٣) فى باب السلم: «إذا أتى المسلم إليه بالمسلم فيه قبل محله ينظر فيه إن كان فى قبضه قبل محله ضرر لكونه يتغير كالفاكهة أو كان قديمه دون حديثه كالحبوب لم يلزم المسلم قبوله لأن له غرضا فى تأخيره بأن يحتاج إلى أكله أو إطعامه فى ذلك الوقت، وكذلك الحيوان لأنه لا يأمن تلفه فيحتاج إلى الإنفاق عليه إلى ذلك الوقت وربما يحتاج إليه فى ذلك الوقت دون ما قبله، وهكذا إن كان مما يحتاج فى حفظه إلى مؤنة كالقطن ونحوه أو كان الوقت مخوفا يخشى نهب ما يقبضه فلا يلزمه الأخذ فى هذه الأحوال كلها لأن عليه ضررا فى قبضه ولم يأت محل استحقاقه له فجرى مجرى نقص صفة فيه وإن كان مما لا ضرر فى قبضه بأن يكون لا يتغير كالحديد والرصاص والنحاس فإنه يستوى قديمه وحديثه ونحو ذلك الزيت والعسل ولا فى قبضه ضرر لخوف ولا تحمل مؤنة فعليه قبضه لأن غرضه حاصل مع زيادة تعجل المنفعة فجرى مجرى زيادة الصفة وتعجيل الدين المؤجل» وهذا صريح فى أن من حق المدين إبطال حقه فى الأجل وأن على الدائن أن يقبل التعجيل إذا لم يكن فيه ضرر عليه.

[مذهب الظاهرية]

يقول ابن حزم الظاهرى (٤): إن أراد الذى عليه الدين المؤجل أن يعجله قبل أجله بما قل أو كثر لم يجبر الذى له الحق على قبوله أصلا، وكذا لو أراد الذى له الحق أن يتعجل قبض دينه قبل أجله بما قل أو كثر لم يجز أن يجبر الذى عليه الحق علي أدائه سواء فى ذلك الدنانير والدراهم والطعام كله والعروض كلها


(١) الأم ج‍ ٣ ص ١٢١ الطبعة الأميرية بالقاهرة.
(٢) ج‍ ٤ ص ٢٢٤.
(٣) المغنى ج‍ ٤ ص ٣٠٦.
(٤) المحلى ج‍ ٨ ص ٩٤ المسألة ١٢٠٠ مطبعة الامام بالقاهرة.