للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشتهى أو كان غالب ظنه وأكبر رأيه أنه لو نظر أو مس اشتهى لم يجز له النظر والمس لأنه يكون سببا للوقوع فى الحرام فيكون حراما ولا بأس أن يسافر بها اذا أمن الشهوة لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثا فما فوقها الا ومعها زوجها أو ذو رحم محرم منها ولأن الذى يحتاج المحرم اليه فى السفر معها فى الحمل والانزال، ويحل له مسها فتحل المسافرة معها وكذا لا بأس أن يخلو بها اذا أمن على نفسه لأنه لما حل المس فالخلوة أولى فان خاف على نفسه لم يفعل، ولا يحل النظر الى بطنها وظهرها والى ما بين السرة والركبة منها وكذا مسها لعموم قوله تعالى:

«قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ} (١)» الا أنه سبحانه وتعالى رخص النظر للمحارم الى مواضع الزينة الظاهرة والباطنة بقوله عز شأنه:

«وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ .. » الآية فبقى غض البصر عما وراءها مأمورا به واذا لم يحل النظر فالمس أولى لأنه أقوى ولأن رخصة النظر الى مواضع الزينة للحاجة التى ذكرناها ولا حاجة الى النظر الى ما وراءها فكان النظر اليها بحق الشهوة وأنه حرام، هذا اذا كانت هذه الأعضاء مكشوفة فأما اذا كانت مستورة بالثياب واحتاج ذو الرحم المحرم الى اركابها وانزالها فلا بأس أن يأخذ بطنها أو ظهرها أو فخذها من وراء الثوب اذا كان يأمن على نفسه لما ذكرنا أن مس ذوات الرحم المحرم لا يورث الشهوة عادة خصوصا من وراء الثوب حتى لو خاف الشهوة فى المس لا يمسه وليجتنب ما استطاع وكل ما يحل للرجل من ذوات الرحم المحرم منه من النظر والمس يحل للمرأة ذلك من ذى رحم محرم منها وكل ما يحرم عليه يحرم عليها، أما ذوات الرحم بلا محرم فحكمهن حكم الأجنبيات الحرائر لعموم الأمر بغض النظر والنهى عن ابداء زينتهن الا للمذكورين فى محل الاستثناء وذو الرحم بلا محرم غير مذكور فى المستثنى فبقيت منهية عن ابداء الزينة له وأما حكم الخلوة فى البيت ان كانت المرأة ذات رحم محرم منه فلا بأس بالخلوة والأفضل ألا يفعل لما روى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنهما أنه قال: ما خلوت بامرأة قط‍ مخافة أن أدخل فى نهى النبى صلى الله عليه وسلم.

[مذهب المالكية]

جاء فى الحطاب (٢): قال ابن عرفة: يرى


(١) الآية رقم ٣٠ من سورة النور.
(٢) الحطاب على خليل ح‍ ١ ص ٥٨٠ الطبعة السابقة.