للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه. وشرطه عند القائلين به أن يكون الغائب فى ولاية القاضى. ونقل شراح الوهبانية عن شرح أدب القاضى أنه قول الكل، وان القاضى يختم بيته مدة يراها ثم ينصب الوكيل عن الغائب فيقوم بما كان يلزم أن يقوم به الغائب (١) وكذلك فى الدعوى للموقف أو عليه اذا لم يكن هناك من يمثل الوقف بان لم يكن هناك ناظر أصلا أو كانت الدعوى ضد الناظر نفسه ففى هذه الحالة يأذن القاضى شخصا لاقامة الدعوى للوقف أو لاقامة الدعوى عليه وكذلك فى دعوى الحسبة وكل من لا تتوجه عليه الدعوى شرعا وتقضى المصلحة العامة بتوجيه الدعوى على ذى صفة فان القاضى يأذن بالخصومة فى مثل هذه الأحوال مدعيا كان أو مدعى عليه.

[مذهب المالكية]

ذهبوا الى أن القاضى يقضى على الغائب دون أن يقيم خصما فى أحوال بينها الدردير فى الشرح الكبير والدسوقى فى حاشيته (٢) عليه، فقد حاء فيهما ما حاصله.

القاضى يحكم على الغائب اذا كانت الغيبة قصيرة كاليومين والثلاثة وما قاربهما مع الأمن وحكمه كالحاضر فى سماع الدعوى عليه والبينة وتزكيتها، ثم يكتب اليه بالأعذار فيها، وأنه اما أن يقدم لا بداء الطعن فى البينة أو يوكل وكيلا عنه فى ذلك، فان لم يقدم ولم يوكل حكم عليه فى كل شئ:

من دين وعرض وعقار وحيوان، ويباع عقاره ونحوه فى الدين، ويعجزه: أى يحكم بعجزه والمراد بذلك عدم قبول البينة التى يأتى بها، وهذا الحكم بالعجز حكم زائد على الحكم بالحق، وسواء فى ذلك أن يكون مدعيا، فيكون عاجزا عن البينة الشاهدة له بما يدعيه، أو كان مدعى عليه فيكون عاجزا عن البينة المجرحة للبينة الشاهدة عليه، ولكن ليس للقاضى التعجيز فى دم وعتق ونسب وطلاق ووقف ثم فى الغيبة البعيدة أيضا فيقضى عليه فى كل شئ: من دين وعرض وعقار وحيوان بعد سماع البينة وتزكيتها بيمين القضاء من المدعى، وتكون بأنه ما أبرأه ولا قبضه منه، ولا أحاله الغائب به ولا وكل من يقبضه عنه فى الكل ولا البعض، وهذه اليمين واجبة على المذهب لا يتم الحكم الا بها. وقيل انها مقوية للحكم فقط‍ فلا ينقض الحكم بدونها على هذا الرأى. وهذه اليمين تتوجه على المدعى فى الحكم على الغائب والميت واليتيم والمساكين والأحباس ونحو ذلك كالحكم على بيت المال اذا ادعى انسان أنه معدم ليأخذ حقه من بيت المال، أو أنه ابن فلان الذى مات ووضع ماله فى بيت المال لظن أنه لا وارث له.

وذهب ابن رشد الى تحليف هذه اليمين فى الحيوان دون العقار. والغيبة المتوسطة فى حكم البعيدة. ومحل حكم القاضى فى هذه الغيبات الثلاثة اذا كان غائبا عن محل ولاية الحكم ولكنه له بها مال أو وكيل أو حميل واذا قدم أعذر له فى الشهود بعد


(١) الدر المختار وابن عابدين ح‍ ٤ ص ٣٧٧، ٣٧٨
(٢) ح‍ ٤ ص ١٤٨، ١٦٢.