للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى المهذب (١): اذا طلقت المرأة كانت سكناها حيث يختار الزوج من المواضع التى تصلح لسكنى مثلها لأنها تجب لحق الزوجية هذا اذا كان الطلاق رجعيا.

فان كان بائنا وكان يملك الزوج سكناه بملك أو اجارة أو اعارة. فان كان يصلح لسكنى مثلها لزمها أن تعتد فيه لقوله تعالى: «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ» (٢) فأوجب أن تسكن فى الموضع الذى كان يسكن فيه الزوج أى عند الفرقة .. وان أراد الزوج بيع الدار فالبيع باطل .. وان حجر على الزوج بعد الطلاق لديون عليه لم يبع المسكن حتى تنقضى العدة لأن حقها يختص بالعين فقدمت.

وان طلقت وهى فى مسكن لها لزمها أن تعتد به لأنه مسكن وجبت فيه العدة. ولها أن تطالب الزوج بأجرة المسكن.

وظاهر مما ذكر أن الشافعية يرون أن فى العدة حق الله تعالى وأن السكنى فى مسكن العدة وهو المسكن الذى وقعت فيه الفرقة. واجب شرعا لقوله تعالى: «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ» وان هذا متفق عليه بين الشافعية بالنسبة لغير المطلقة رجعيا.

أما بالنسبة للمطلقة رجعيا فقد وقع خلاف بينهم. ففى الحاوى والمهذب وغيرهما من كتب العراقيين أن للزوج أن يسكنها حيث شاء ولا يجب أن تسكن فى مسكن العدة. وهو الذى وقعت فيه الفرقة - لأنها فى حكم الزوجة عندهم لبناء النكاح وحكمه من كل وجه وذهب غيرهم الى أنها كمعتدة البائن يجب عليها أن تسكن مدة العدة فى المسكن الذى وقعت فيه الفرقة ولا تخرج منه ولا تخرج هى منه ولو باذن الزوج الا لعذر. وذلك لاطلاق الآية وهذا ما قال به الامام ونص عليه فى الأم.

وقال السبكى أنه الأولى.

وقال الأوزاعى أنه المذهب المشهور وقال الزركشى أنه الصواب.

والاتفاق على أنه لا يملك الزوجان ولا أحدهما ولا غيرهما ابطال العدة ولا ابطال السكنى فى مسكنها لأنه من توابعها.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى لابن قدامة الحنبلى (٣):

اذا كانت المبتوتة حاملا وجب لها السكنى قولا واحدا ولا نعلم بين أهل العلم خلافا فيه. وان لم تكن حاملا ففيها روايتان:

احداهما: لا يجب لها ذلك وهو قول ابن عباس وجابر وبه قال عطاء وطاووس


(١) المهذب ج ٢ ص ١٤٦، ١٤٧.
(٢) الاية رقم ٦ من سورة الطلاق.
(٣) المغنى لابن قدامه ومعه الشرح الكبير ج ٩ ص ١٧٩ وما بعدها.