للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للخدمة، فلا يحصل المقصود بخلاف الأم والجدة لقدرتهما عليه شرعا.

والأمة اذا أعتقها مولاها وأم الولد اذا أعتقت كالحرة فى حق الولد لانهما حرتان أو أن ثبوت الحق.

وليس لها قبل العتق حق فى الولد لعجزهما، عن الحضانة بالاشتغال لخدمة المولى.

والذمية أحق بولدها المسلم ما لم يعقل الأديان أو أن يخاف أن يألف الكفر للنظر قبل ذلك واحتمال الضرر بعده.

ولا خيار للغلام والجارية لأنه لقصور عقله يختار من عنده الدعة لتخليته بينه وبين اللعب فلا يتحقق النظر وقد صح أن الصحابة لم يجبروا.

واذا أرادت المطلقة أن تخرج بولدها من المصر فليس لها ذلك لما فيه من الأضرار بالأب الا أن تخرج به الى وطنها وقد كان الزوج تزوجها فيه لأنه التزم المقام فيه عرفا وشرعا قال عليه الصلاة والسّلام «من تأهل ببلدة فهو منهم» ولهذا يصير الحربى به ذميا (١).

[مذهب المالكية]

يقول «المالكية» الأصل فى الحضانة كتاب الله تعالى وسنة نبيه عليه الصلاة والسّلام واجماع الأمة. فأما كتاب الله فقوله سبحانه وتعالى «وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً» (٢).

وفى الأمهات يقول سبحانه وتعالى:

«وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ» (٣).

فالأم أحق برضاعة ابنها وكفالته الى أن يستغنى عنها بنفسه وأما السنة فمنها قوله صلّى الله عليه وسلّم للمرأة المطلقة من أبى الطفيل حين قالت له: «ان ابنى هذا كان بطنى له وعاء وثديى له رواء وحجرى له حواء وأنا له الفداء، وزعم أبوه أن ينتزعه منى» فقال:

«أنت أحق به ما لم تنكحى» وقضاؤه لابنة حمزة لجعفر لموضع خالتها أسماء ابنة عميس.

واما الاجماع فلا خلاف بين أحد من الأمة فى ايجاب كفالة الأطفال الصغار لأن الانسان خلق ضعيفا مفتقرا الى من يكفله ويربيه حتى ينفع نفسه ويستغنى بذاته فهو من فروض الكفاية لا يحل أن يترك الصغير دون كفالة ولا توفية حق حتى يهلك ويضيع، واذا قام به قائم سقط‍ عن الناس ولا يتعين ذلك على أحد سوى الأب وحده ويتعين على الأم فى حولى رضاعه اذا لم يكن له أب ولا مال تستأجر له منه فان كان لا يقبل ثدى سواها تجبر على رضاعه (٤).

والمقدم فى الحضانة هو من يعلم بمستقر


(١) الهداية شرح بداية المبتدى للشيخ برهان الدين على بن بكر الميرغينانى الطبعة الأولى ببولاق ١٣١٦ ح‍ ٣ ص ٣١٣ - ٣١٩.
(٢) الآية رقم ٢٤ من سورة الاسراء.
(٣) الآية رقم ٢٣٣ من سورة البقرة.
(٤) المقدمات الممهدات للمدونة الكبرى لأبى الوليد محمد بن احمد بن رشد المتوفى سنة ٥٢٠ هـ‍ هامش المدونة الكبرى ح‍ ٢ ص ٢٥٨ طبعة المطبعة الخيرية سنة ١٣٢٤ هـ‍.