قيمته بذلك فليس للبائع غيره. وإن زادت قيمته بذلك فالأصح أنه يباع ويصير المفلس شريكا بالزيادة لأنها حصلت بفعل محترم متقوم فوجب ألا يضيع، وللمفلس من ثمنه بنسبة ما زاد بالعمل وللبائع امساك المبيع وإعطاء المفلس حصة الزيادة.
وإن كان المبيع من ذوات الأمثال كالحبوب والأدهان فخلطه المشترى بمثله أو أردأ منه من جنسه ثم أفلس كان للبائع إذا أراد الفسخ أن يرجع فيأخذ قدر مبيعه من المخلوط، لبقائه فى ملك المفلس بغير تعلق حق لازم به، ويكون فى الأردأ مساما يعيبه كعيب الدابة ونحوها، ولو طلب البيع وقسمة الثمن فلم يجب اليه فى الأصح وهذا إذا خلطه المفلس، أما إذا خلطه أجنبى فإنه يكون للبائع أن يأخذه ويشارك الدائنين بنسبة ما نقصه الخلط وان خلطه المفلس بأجود منه من جنسه فليس للبائع الرجوع فيه على الأظهر، بل يقاسم مع الدائنين بالثمن فقط لأن الطريق الموصل الى أخذه وهو القسمة متعذر هنا لأنه لا سبيل اليهما بإعطاء قدر حقه منه لأن فيه ضررا بالمفلس ولا باعطاء ما يساوى حقه منه لأنه ربا. ومقابل الأظهر أن له الرجوع ويباعان ويوزع الثمن على نسبة القيمة.
وكذلك لا رجوع للبائع فيه ان خلطه المفلس بغير جنسه كزيت بعسل أو قمح بأرز لعدم جواز القسمة لانتفاء التماثل فهو كالتالف فيشارك الدائنين بالثمن. وإذا أفلس مستأجر الدابة أو الأرض قبل تسليم الأجرة الحالة وقبل استيقاء شيئ من المنافع فللمؤجر الفسخ والرجوع فى عينه المؤجرة فإن أجاز العقد شارك الدائنين بكل الأجرة ويؤجر القاضى العين المؤجرة على المفلس لأجل الدائنين.
أما ان أفلس المستأجر وقد أستوفى بعض منافع العين المستأجرة له فأنه يكون للبائع أن يفسخ أيضا ويشارك مع غيره من الدائنين بحصة ما استوفاه المفلس من منافع عينه. وان فسخ مؤجر الدابة لافلاس المستأجر فى أثناء الطريق أو مؤجر الأرض وهى مزروعة فعليه فى الأولى حمل المتاع من غير مأمن الى مكان آمن، لئلا يضيع ويكون له أجرة المثل يقدم بها على الدائنين، لأنه لصيانة المال وإيصاله الى الدائنين فأشبه أجرة الكيال وعليه فى الثانية تبقية الزرع الى وقت حصاده ان لم يستحصده، وله على المفلس أجرة المثل عن المدة الباقية يقدم بها عن الدائنين لما مر. هذا ان أراد المفلس والدائنون إبقاء الزرع. والا فإن أرادوا قطعه فلهم ذلك.
واذا أفلس مؤجر العين فلا فسخ لمستأجرها ويقدم المستأجر بمنفعتها كما يقدم المرتهن بحقه، وتباع العين وهى مؤجرة لأجل الدائنين بطلبهم أو طلب المفلس بناء على جواز بيع المؤجر ولا يبالى بما ينقص من ثمنها بسبب الاجارة، إذ لا يلزم الدائنين الصبر لتنمية مال المفلس. وان التزم شخص فى ذمته عملا كنقل متاع الى بلد مثلا ثم أفلس والأجرة فى يده فللمستأجر الرجوع فيها بفسخ الإجارة. فإن تلفت الأجرة لم يفسخ وشارك مع الدائنين بأجرة المثل.
وإذا أفلس صاحب الثوب مثلا فللأخير على خياطته ونحوها حق حبس الثوب المخيط ونحوه بوضعه عند عدل حتى يستوفى أجرته. وان انهدمت الدار المستأجرة بعد إفلاس المؤجر والحجر عليه وقبضه الأجرة فإن الإجارة تنفسخ وللمستأجر أن يقاسم مع الدائنين بالأجرة حتى ولو كان إنهدامها بعد قسمة مال المفلس وهذا إن لم يمض بعض المدة فإن مضى بعضها قاسم الدائنين فيما بقى من المدة فقط (١).
[مذهب الحنابلة]
من وجد عين ما باعه للمفلس أو عين ما أقرضه أو عين ما أعطاه له رأس مال سلم أو غير ذلك كشقص أخذه منه المفلس بشفعة، أو عين استأجرها وأفلس قبل أن يمضى من مدتها زمن له أجرة فإنه يكون من حق البائع ونحوه أن يفسخ
(١) اسنى المطالب بحاشية الرملى ج ٢ ص ١٩٤ - ٢٠٣، تحفة المحتاج ج ٢ ص ١٣٤ - ١٣٩، نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسى ج ٣ ص ٣٢٦ - ٣٣٧، شرح المنهاج للمحلى بحاشية قليوبى ج ٢ ص ٢٩٣ - ٢٩٧، شرح منهج الطلاب بحاشية البجرمى ج ٢ ص ٣٧٨ - ٣٨٦، مغنى المحتاج على متن المنهاج للخطيب ج ٢ ص ١٥٨ - ١٦٣، المهذب ج ١ ص ٣٢٢ - ٣٢٧.