للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما ما يترتب عليه نقص الانتفاع من العيوب فان العقد به يصير غير لازم فيكون للمستأجر حق الفسخ بخيار العيب فلو استأجر دابة يركبها أو دارا يسكنها فعرجت الدابة أو انهدم بعض بناء الدار فالمستأجر بالخيار ان شاء مضى على الاجارة وان شاء فسخ اذ الاجارة بيع المنافع وهى تحدث شيئا فشيئا فكان كل جزء من أجزاء المنافع معقودا عليه فاذا حدث العيب كان هذا عيبا قد حدث بعد العقد وقبل القبض فأوجب الخيار لذلك واذا أمضى المستأجر العقد فلم يفسخ كان عليه كمال الأجرة لأنه رضى بالمعقود عليه مع العيب فيلزمه البدل جميعه واذا زال العيب قبل أن يفسخ العقد بأن شفيت الدابة أو بنى المؤجر ما سقط‍ من البناء بطل خيار المستأجر لأن الموجب للخيار قد زال والعقد قائم فيزول الخيار.

واذا كان العيب مما لا يترتب عليه اخلال ولا ضرر بالانتفاع لم يكن للمستأجر بسببه خيار اذ أن ذلك لم يمس المعقود عليه وهو المنفعة بنقص ولا يثبت الخيار الا عند نقصها وليس للمستأجر ان يفسخ عند ثبوت الخيار له الا بحضرة المؤجر لأن فسخ العقد لا يجوز الا بحضرة عاقديه أو من يقوم مقامهما فان لم يتمكن من ذلك فى حضرته رفع أمره الى القضاء (١).

[مذهب المالكية]

تنفسخ الاجارة بتلف العين المستأجرة ومثله فى الحكم زوال الانتفاع المعقود عليه منها وذلك لانعدام محل العقد فان نقص الانتفاع بها لعيب طرأ سواء أكان ذلك قبل ابتداء الانتفاع أم فى أثنائه كان للمستأجر خيار الفسخ بالعيب (٢) ومن العيوب أن تكون الدابة عضوضا أو لا تبصر ومثل ذلك كل ما ينقص الانتفاع عن القدر المعتاد وفقه المسألة أن الضرر اذا كان يسيرا لم يكن له اعتبار كسقوط‍ شرفات منزل السكنى اذ لا تنقص به السكنى واذا زاد عن ذلك بحيث يمس السكنى كقلع البلاط‍ وسقوط‍ البياض لزم العقد وحط‍ من الأجر بقدر ذلك واذا ضر ضررا غير معتاد خير المستأجر بين الامضاء والفسخ.

[مذهب الشافعية]

الأصح عند الشافعية أن الاجارة تنفسخ بزوال المنفعة المعقود عليها نهائيا كما فى انهدام الدار المستأجرة ولو بفعل المكترى غير أنه يلزم بالعوض وسواء فى الحكم أن يحدث ذلك قبل تسلم العين المستأجرة أم بعده واذا حدث بعد التسلم ومضى مدة يجب لمثلها أجرة انفسخت فيما يأتى بعدها من الزمن ووجب على المستأجر أجرة ما انتفع أما اذا ترتب على العيب نقص الانتفاع لا زواله لم تنفسخ الاجارة وانما يكون للمستأجر خيار الفسخ وهو على التراخى ان لم يبادر المؤجر بالاصلاح فان قام به قبل الفسخ سقط‍ الخيار ومن العيوب الموجبة للخيار غصب العين المستأجرة وانما يكون الخيار على التراخى اذا لم يترتب عليه تفريق الصفقة والا وجب أن يكون على الفور ولا


(١) البدائع ج‍ ٤ ص ١٩٥، ١٩٧.
(٢) الشرح الكبير للدردير والدسوقى عليه ج‍ ٤ ص ٣٠، ٣١، ٤٢، ٥٠.