للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقص أجر مثل العين المستأجرة أو ما يفوت به غرض المستأجر والغالب عدمه فى العادة (١) مما يضر بالانتفاع. والعيب فى عقد الاجارة نوعان: نوع يترتب عليه انعدام الانتفاع كلية. ونوع يترتب عليه نقصه.

وما يترتب عليه انعدام الانتفاع سواء أكان قبل ابتدائه وقبل التمكن منه أم حدث بعد ابتداء العقد وفى أثناء الانتفاع ينفسخ به العقد دون حاجة الى قيام المستأجر بفسخه كما تفيدها بعض الروايات عند الحنفية فقد جاء فى اجارة الأصل لمحمد بن الحسن اذا سقطت الدار كلها كان لمستأجرها أن يخرج منها سواء أكان صاحب الدار شاهدا أم غائبا. فان هذا الحكم دليل الانفساخ حيث أجاز للمستأجر الخروج من الدار مع غيبة المؤجر ولو لم تنفسخ توقف جواز خروجه والفسخ على حضوره ووجه ذلك الحكم أن المنفعة المطلوبة من الدار قد بطلت بالسقوط‍ اذ المطلوب منها الانتفاع بالسكنى وقد بطل ذلك وبذلك انعدم المعقود عليه فيبطل بانعدامه العقد. وجاء فى روايات أخرى ما يدل على أن العقد لا ينفسخ ولكن يثبت للمستأجر حق الخيار فى الفسخ فقد ذكر فى كتاب الصلح من الأصل اذا صالح على سكنى دار فانهدمت لم ينفسخ الصلح وروى هشام عن محمد فيمن استأجر بيتا فقبضه ثم انهدم فبناه المؤجر فقال المستأجر بعد بنائه: لا حاجة لى فيه، أنه قال: ليس للمستأجر ذلك، وكذلك لو أراد المستأجر أخذه وأبى عليه المؤجر لم يكن للمؤجر ذلك اذ أن هذا يدل على أن الاجارة لم تنفسخ ووجهه ان الدار بعد انهيارها لم تنعدم منفعتها به اذ بقى لها الانتفاع بسكناها بواسطة خيمة تضرب فيها فلم يفت بانهدامها المنفعة المعقود عليها رأسا فلم ينفسخ العقد على أنه ان فات نهائيا فقد فات على وجه يتصور عوده ولو باعادة البناء وهذا يكفى لبقاء العقد والأصل فى ذلك أن العقد المنعقد بيقين يبنى ما دام لم يفقد فائدته نهائيا بيقين اذ اليقين لا يزول بالشك. وقال القدورى: الصحيح أن العقد ينفسخ فى مثل هذه الحال لأن المنفعة المطلوبة من الدار قد بطلت وضرب الخيمة فى الدار ليس بالمنفعة المطلوبة منه ولا من الدار عادة فلا يعتبر بقاؤها لبقاء العقد.

وقال محمد فيمن استأجر رحى ماء سنة فانقطع الماء بعد ستة أشهر وأمسك الرحى حتى مضت المدة فعليه أجر ستة أشهر مدة وجود الماء ولا شئ عليه لما مضى بعد ذلك لأن منفعة الرحى قد بطلت فيه فانفسخ العقد.

وفى الأشباه أن الأجرة للأرض كالخراج على المعتمد فاذا استأجر الأرض للزراعة فأهلك الزرع آفة وجب من الأجرة ما قابل المدة قبل الاهلاك وسقط‍ ما بعد ذلك وهذا ما اعتمده صاحب الولواجية لكن جزم فى الخانية برواية عدم سقوط‍ شئ من الأجرة حيث قال: أصاب الزرع آفة فهلك أو غرق ولم ينبت لزم الأجر كله لأنه قد زرع فعلا ولو غرقت قبل أن يزرع فلا أجر عليه.

وذلك لانفساخ الاجارة بذلك (٢).


(١) أبن عابدين ج‍ ٤ ص ٧٩.
(٢) الدر المختار ج‍ ٥ ص ٥٢.