للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو الحكم الصواب ويحتمل أن يكون خطأ عند أهل السنة (والمراد بالصواب الموافقة بما عند الله فى الواقع ونفس الأمر).

والمراد بالحطأ (المخالفة بما عند الله فى الواقع ونفس الأمر).

وأصحاب هذا الرأى يطلق عليهم اسم «المخطئة»، ورأيهم هو المختار عند الحنفية وعامة الشافعية بأدلته الآتية:

وعامة المعتزلة يقولون: كل مجتهد مصيب وهذا الخلاف بين أهل السنة وبين عامة المعتزلة ناشئ عن الخلاف فى أن لله تعالى حكما معينا قبل الاجتهاد أولا.

فعند أهل السنة لكل حادثة حكم معين عند الله تعالى عليه دليل ظنى إن وجده المجتهد أصاب وله أجران: أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإن اخطأ فله أجر الاجتهاد فقط‍ فإذا اجتهدوا فى حادثة وكان لكل مجتهد حكم، فالحكم عند الله تعالى واحد وغيره الخطأ.

وقالت المعتزلة: لا حكم قبل الاجتهاد بل الحكم تابع لظن المجتهد حتى كان الحكم تابعا لظن المجتهد، حتى كان الحكم عند الله تعالى فى حق كل واحد مجتهده هو وكل المجتهدات صواب، فكأن الشرع يقول كل ما وصل إليه المجتهد باجتهاده فهو الحكم فى حقه، وأصحاب هذا الرأى يطلق عليهم اسم «المصوبة».

[الأدلة على أن الحق واحد]

استدل القائلون بأن الحق واحد، وهم الأئمة الأربعة وعامة الأصوليين من أهل السنة بأدلة منها.

أما الكتاب قوله تعالى: «وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ}.

{فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ، وَكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً».

وجه الدلالة: أنه تعالى خص سليمان بالفهم فى قوله ففهمناها سليمان، ومنَّ عليه، وكمال المنة فى إصابة الحق، فلو كانا مصيبين لما كان لتخصيص سليمان بالفهم فائدة، ولا مانع من القول، بمفهوم المخالفة فى هذا الموضع عند الحنفية، وواضح أنهما حكما بالاجتهاد لأنه لو كان حكم داود بالنص لما وسع سليمان مخالفته ولما جاز رجوع داود عنه.

وأما السنة فهى الأحاديث الدالة على ترديد الاجتهاد بين الصواب والخطأ، وهى كثيرة، منها ما روى أنه عليه السلام قال: «جعل الله للمصيب أجرين وللمخطئ أجرا».

وقال ابن حزم الظاهرى: أقسام المجتهدين بقسمة العقل الضرورية لا تخرج عن ثلاثة أقسام عندنا:

مصيب نقطع على صوابه عند الله تعالى، ومخطئ نقطع على خطئه عند الله تعالى، أو متوقف فيه لا ندرى أمصيب عند الله تعالى أم مخطئ، وإن أيقنا أنه فى أحد الخيرين عند الله تعالى بلا شك، لأن الله تعالى لا يشك بل عنده علم حقيقة كل شئ، لكنا نقول مصيب عندنا ومخطئ عندنا، أو نتوقف فلا نقول أنه عندنا مخطئ ولا مصيب، وإنما هذا فيما