للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحكم على الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، فلما أظهره قبلوا منه.

ولا يقال: لا بد فى الاشارة من لفظ‍ يدل على المشار اليه وليس ذلك فيما ذكرت، بل هو من قبيل بيان الضرورة، لأنا نقول قوله: «ثلاثون» يشمل أفراده مطابقة فيكون الستة بعض مدلوله فيكون ثابتا بالنظم، ولا منافاة بين بيان الضرورة والاشارة فليكن بيان ضرورة أيضا (١).

وجاء فى شرح المنار أن الثابت بالاشارة كالثابت بالعبارة من حيث أنه ثابت بصيغة الكلام فيكون عاما قابلا للتخصيص، لأن كلا منهما ثبت بنظم الكلام والعموم من أوصاف اللفظ‍، ولهذا قلنا فى اشارة قوله تعالى: «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ» خص منها اباحة وط‍ ء الأب جارية ابنه وان كانت اللام تستلزم أن يكون الولد وأمواله ملكا للأب، ومختصا به.

وقال أبو زيد: الاشارة لا تحتمل التخصيص لأن معنى العموم فيما سيق له الكلام، فأما ما يقع الاشارة اليه من غير أن يكون سياق الكلام له فهو زيادة على المطلوب بالنص، ومثل هذا لا يسمع فيه معنى العموم، حتى يقبل التخصيص (٢).

وجاء فى كشف الأسرار أن القاضى الامام قال: الاشارة زيادة معنى على معنى النص وانما يثبت بايجاب النص اياه لا محالة، فلا يحتمل الخصوص وبيان أنه غير ثابت (٣).

والبحث فى هذا الميدان طويل ينظر فى مصطلح (دلالة).

حكم ما اذا تعارضت الاشارة

والدلالة (أى دلالة النص)

جاء فى كشف الأسرار أنه اذا تعارض الثابت بالدلالة مع الثابت بالاشارة فان الثابت بالدلالة يكون دون الثابت بالاشارة، لأن فى الاشارة وجد النظم والمعنى اللغوى، وفى الدلالة لم يوجد الا المعنى اللغوى - لأن الثابت بالدلالة هو المعنى الذى أدى اليه الكلام، كالايلام من الضرب فانه يفهم من اسم الضرب لغة لا شرعا، فتقابل المعنيان وبقى النظم سالما عن المعارضة فى الاشارة فترجحت بذلك.

مثال ذلك ما قال الشافعى رحمه الله تعالى: ان الكفارة تجب فى القتل العمد، لأنها لما وجبت فى القتل الخطأ للجناية مع قيام العذر بقوله تعالى: وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطأ.

ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا.


(١) كشف الأسرار ج ١ ص ٧٢، ص ٧٣ الطبعة المذكورة السابقة.
(٢) شرح المنار وحاشية الرهاوى ج ١ ص ٥٢٥ الطبعة المذكورة السابقة.
(٣) كشف الأسرار على أصول البزدوى ج ٢ ص ٢٥٣ الطبعة المتقدمة.