للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجب عليهما الصوم لقوله عز وجل: «وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (١) «أما قوله {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ» فقد قال ابن عباس: إنه قد نسخ. وإن لم يقدر على الصوم لمرض يخاف زيادته ويرجو البرء منه لم يجب عليه الصوم للآية، فإذا برئ وجب عليه القضاء لقوله تعالى «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ» فإن أصبح صائما وهو صحيح ثم مرض أفطر لأنه أبيح له الفطر للضرورة (٢). واذا برئ المريض وهو صائم ففى إفطاره وجهان (٣). أما المسافر فإن كان سفره دون مسافة القصر لم يجز له أن يفطر لأنه اسقاط‍ لغرض. وإن كان سفره فى معصية لم يجز له أن يفطر لأن ذلك إعانة على المعصية وإن كان سفره فى غير معصية فله أن يصوم وله أن يفطر. وإن كان ممن لا يجهده السفر فالأفضل أن يصوم. فإن صام المسافر وأراد أن يفطر فله ذلك لأن العذر قائم ومن أصبح فى الحضر قائما ثم سافر لم يجز له أن يفطر فى ذلك اليوم وقيل له أن يفطر والمذهب على الأول وإذا قدم المسافر ففى جواز افطاره وجهان (٤). وان خافت المرضع أو الحامل على نفسها من الصوم أفطرت (٥)

[مذهب الحنابلة]

الكبير أو المريض (٦) مرضا لا يرجى برؤه يفطر ويطعم لكل يوم فقيرا. وإن خافت المرضع أو الحامل على ولديهما أفطرتا وأطعمتا فقيرا لكل يوم، والسنة لمن سافر قصر ولمن مرض فخاف ضررا بالصوم أن يفطر فان صاما أجزأهما، ولا يجوز أن يصوما فى رمضان عن غيره. وللمسافر أن يفطر رمضان أو غيره بدلالة الكتاب والسنة والإجماع، وانما يباح الفطر فى السفر الطويل الذى يبيح القصر. فإذا دخل عليه شهر رمضان وهو فى السفر فلا خلاف فى أباحة الفطر وإذا سافر فى أثناء الشهر ليلا فله الفطر فى صبيحة الليلة التى يخرج منها وما بعدها وقيل لا يفطر لقوله تعالى «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ» وهذا قد شهده. والأول أظهر واذا سافر فى أثناء يوم رمضان فحكمه كمن سافر فى ليله ولا يباح له الفطر حتى يخلف البيوت وراء ظهره يعنى أن يجاوزها ويخرج من بين بنيانها وقيل يفطر فى بيته ان شاء يوم يريد أن يخرج، والأول أرجح لأنه شاهد للشهر ولا يوصف بكونه مسافرا حتى يخرج من البلد (٧) وليس للمسافر أن يصوم فى رمضان عن غيره كالنذر والقضاء لأن الفطر يباح رخصة وتخفيفا فاذا لم يرد التخفيف عن نفسه لزمه أن يأتى بالأصل. (٨) وإذا نوى المسافر الصوم فى سفره ثم بداله أن يفطر فله ذلك

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم من أجهده الجوع أو العطش حتى غلبه الأمر ففرض عليه أن يفطر لقوله تعالى: «وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ» ومن سافر فى رمضان سفر طاعة أو سفر معصية أو لا طاعة ولا معصية ففرض عليه الفطر إذا جاوز ميلا أو بلغه أو إزاءه وقد بطل صومه حينئذ ويقضى بعد ذلك فى أيام أخر. فإن نوى من الليل وهو فى سفر أن يرحل غدا فلم ينو الصوم فلما كان من الغد حدثت له إقامة فهو مفطر لأنه مأمور بما فعل، وقالوا الحامل والمرضع والشيخ الكبير كلهم مخاطبون بالصوم فلو خافت الحامل على جنينها أو المرضع من قلة اللبن أو عجز الشيخ عنه لكبره أفطروا ولا قضاء عليهم ولا إطعام


(١) المهذب ج ١ ص ١٧٧
(٢) المهذب ج ١ ص ١٧٧
(٣) المهذب ج ١ ص ١٧٨
(٤) المهذب ج ١ ص ١٧٨
(٥) المهذب ج ١ ص ١٧٨
(٦) المحرر ج ١ ص ٢٢٨
(٧) المرجع السابق ج ١ ص ١٢٩
(٨) المرجع السابق ج ٢ ص ١٢٣